اليمين والإيلاء
/م221
{ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم( 224 ) لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم ( 225 ) للذين يؤولون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءو فإن الله غفور رحيم( 226 ) وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم( 227 )}
المفردات:
عرضة: عرض يتصرف على معان مرجعها إلى المنع لأن كل شيء اعترض فقد منع ،ويقال للسحاب: عارض لأنه من رؤية السماء والشمس والقمر والكواكب .والعرضة كالغرفة المانع المعترض دون شيء .
الأيمان: الأمور المحلوف عليها .
الطلاق: هم حل عقد النكاح الذي بين الرجل والمرأة .وأصله من الانطلاق وهو الذهاب يقال طلقت المرأة تطلق ن باب نصر طلاقا ،إذا أصبحت مخلاة بدون رجل بعد أن كانت في عصمت رجل معين .
المعنى الإجمالي:
لا تجعلوا الحلف بالله حاجزا بينكم وبين فعل الخير والبر والتقوى والإصلاح بين الناس .
التفسير:
{ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم}
لا تجعلوا الحلف بالله حاجزا ومانعا عن البر والتقوى والإصلاح بين الناس .والله سميع لما تلفظون به عالم بأيمانكم فلا ينبغي أن يكون الحلف بالله مانعا عن عمل الخير فالله لا يرضى أن يكون اسمه حجاجا دون خير .
فكثيرا ما يسرع الإنسان إلى الحلف بألا يفعل كذا ويكون خيرا ،وأن يفعل كذا ويكون شرا فنهانا الله عن ذلك وأمرنا بتحري وجوه الخير .
فإذا حلف الإنسان على ترك الخير ،فليفعل الخير وليكفر عن يمينه ولا يجعل اليمين مانعة له من المعروف .
قال ابن عباس: لا تجعل الله عرضة ليمينك ألا تصنع الخير ،ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير .
روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم"من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ،فليكفر عن يمينه ،وليفعل الذي هو خير "( 216 ) .
والآية توحي بالإقلال من الحلف حتى لا يتعود عليه اللسان ،وقد ذم الله المكثرين من الحلف فقال: ولا تطع كلل حلاف مهين . ( القلم:10 ) .
قال الإمام الرازي: والحكمة في الأمر بتقليل الأيمان أم من حلف في كل قليل وكثير بالله انطلق لسانه بذلك ولا يبقى لليمين في قلبه وقع .فلا يؤمن إقدامه على اليمين الكاذبة ،فيختل ما هو الغرض في اليمين .
وأيضا كلما كان الإنسان أكثر تعظيما لله ،كان أكمل في العبودية ،ومن كمال العبودية التعظيم ،وأن يكون ذكر الله تعالى أجل وأعلى عنده من أن يستشهد به في كل غرض دنيوي ،وأما قوله بعد ذلك"أن تبروا "فهو علة لهذا الشيء أي إرادة أن تبروا ،والمعنى إنما نهيتم عن هذا أي عن الإكثار من الحلف لما أن توقى ذلك من البر والتقوى والإصلاح ،فتكونوا يا معشر المؤمنين بسبب عدم إكثاركم من الأيمان بررة أتقياء مصلحين ."217 )
سبب النزول:
قال القرطبي وابن جرير الطبري وغيرهم:
نزلت في أبى بكر الصديق رضي الله عنه إذا حلف ألا ينفق على مسطح ابن خالته وكان من الفقراء المهاجرين ،وكان أبو بكر يعطف عليه ويرعنه ثم شارك مسطح في الحديث الإفك وروج الكلام في اتهام السيدة عائشة رضي الله عنها ،فأقسم أبو بكر ألا يبر مسطحا فريبة فأنزل الله هذه الآية .وأنزل أيضا في شأن حديث الإفك ثلاث عشر آية في سورة النور منها قوله تعالى:
{ولا يأتل ألوا الفضل منكم والسعة أن يأتوا أولوا القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم}( النور:22 ) .
فقال أبو بكر لما سمع هذه الآية: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي .ورجع عن يمينه وكفر عنها .وأجرى على مسطح ما كان ينفقه عليه .