عقوبة اليهود
(ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين( 65 ) فجعلنا نكلا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين ( 66 ) (
المفردات:
الاعتداء: تجاوز الحد في كل شيء .
السبت: هو اليوم المعروف في الأسبوع واعتداؤهم فيه تجاوزهم في حكمه .
خاسئين: صاغرين مطرودين .
/م65
التفسير:
65- ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت ..: أي ولقد عرفتم نبأ الذين تجاوزوا منكم الحد الذي رسمه لهم الكتاب ،وركبوا ما نهاهم عنه من ترك العمل الدنيوي ،والتفرغ للعمل الأخروي يوم السبت .
فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين .أي حولهم إلى قردة صاغرين مطرودين مبعدين عن الخير أذلاء .
والخسوء: الطرد والإبعاد يقال: خسأت الكلب خسأ وخسوءا من باب منعطردته وزجرته ،وذلك إذا قلت له: اخسأ .
وجمهور المفسرين على أنهم مسخوا على الحقيقة ثم ماتوا بعد ذلك بوقت قصير .
«وروى أن الممسوخ لا ينسل ولا يأكل ولا يشرب ولا يعيش أكثر من ثلاثة أيام »( 174 ) .
ويرى مجاهد أنهم لم تمسخ صورهم ولكن مسخت قلوبهم ،أي أنهم مسخوا مسخا نفسيا فصاروا كالقردة في شرورها وإفسادها لما تصل إليها أيديها .
قال الأستاذ الإمام محمد عبده: والآية ليست نصا في رأى الجمهور ولم يبق إلا النقل ،ولو صح لما كان في الآية عبرة ولا موعظة للعصاة ،لأنهم يعلمون بالمشاهدة أن الله لا يمسخ كل عاص فيخرجه من نوع الإنسان ،إذ ليس من سننه في خلقه ،وإنما العبرة الكبرى في العلم بأن من سنن الله في الذين خلوا من قبل أن من يفسق عن أمره ويتنكب الصراط الذي شرعه له ينزله عن مرتبة الإنسان ويلحقه بعجماوات الحيوان وسنة الله وحده ،فهو يعامل القرون الحاضرة بمثل ما عامل به القرون الخالية ا ه .
وفي هذا تأييد لرؤى مجاهد ،روى ابن جرير عن مجاهد أنه قال: «ما مسخت صورهم ،ولكن مسخت قلوبهم فلا تقبل وعظا ولا تعي زجرا » .
وذاك على حد تمثيلهم بالحمار في قوله تعالى: مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا .( الجمعة: 5 )
وقد نقل الحافظ ابن كثير آثارا عن بعض الصحابة والتابعين ،في مسخ هؤلاء المعتدين على صورة القردة ،وفي تفصيل قصتهم ثم قال: ( قلت ): والغرض من هذا السياق عن هؤلاء الأئمة بيان خلاف ما ذهب إليه مجاهد رحمه الله من أن مسخهم إنما كان ( معنوبا ) لا ( صوريا ) بل الصحيح أنه معنوي صوري والله تعالى أعلم ( 175 ) .