/م42
44 - بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاَء وَآبَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ .
ننقصها من أطرافها: يستولي المسلمون على أطراف مكة ،ويقيمون معاهدات مع القبائل التي حولها .
إن الذي غر هؤلاء وآباءهم ،وحملهم على ما هم فيه من الضلال: أن الله تعالى من عليهم بالنعمة والمال والرخاء ،واستمروا طويلا يتمتعون بهذه النعم ،حتى طالت أعمارهم وهم في رخاء ونعمة ،فحملهم ذلك على الطغيان والبطر وظنوا أن هذه النعم لا تزول أبدا ،ولا يحرمون منها مطلقا .
أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا .
والأطراف هم الأشراف ،أي: أن الله أهلك قبلهم فرعون وهامان ،وعادا وثمودا ؛وقرونا قبل ذلك كثيرا كانوا يتمتعون بالنعم ويكذبون الرسل فحق عليهم وعد الله ،وطواهم الزمان وأصبحوا أثرا بعد عين .
وذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالأرض: أرض مكة .
وكان المسلمون قد حصنوا المدينة وما حولها ،وكانوا يرسلون السرايا والغزوات لعقد محالفات مع القبائل ،وفي كل عام من أعوام إقامته صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة ؛يتقدم المسلمون خطوات ،وينكمش كفار مكة خطوات ؛فقال القرآن: أفلا يشاهد هؤلاء المشركون ،أن المسلمين يتقدمون وينتصرون ويغلبون ؛وأن الكفار ينهزمون وتنتقص أطرافهم حول مكة لحساب المسلمين .
أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ .
وهذا استفهام إنكاري مؤداه ،أنكم في هزيمة مستمرة أمام الزحف الإسلامي ،بسبب كفركم وإيمانهم فتدبروا ؛لأن الغلبة للمؤمنين ،كما قال تعالى: وإن جندنا لهم الغالبون .( الصافات: 173 ) .
ويمكن أن يكون في الآية إشارة إلى اتساع دائرة الأرض عند خط الاستواء ،ونقصان دائرتها عند القطبين ،فالأرض دائرة كروية لكنها منبعجة عند خط الاستواء ،مفرطحة عند القطبين ،وهذا دليل قدرة الله وعظمته ،وأن حركة الكون تحت سلطانه وقدرته وغلبته .
وقد ثبت علميا الإعجاز العلمي في هذه الآية ،وأن محيط الكرة الأرضية عند خط الاستواء أطول منه عند القطبين .
وقد نزلت هذه الآية على نبي أمي ،وأظهرت الأيام إعجاز هذا القرآن .
وصدق الله العظيم: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ...( فصلت: 53 ) .