20-{فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ...}
المفردات:
فإن حاجوك: أي جادلوك .
أسلمت وجهي لله: أخلصت ذاتي ونفسي له تعالى .
و الأميين: المراد بهم من لا يكتبون من مشركي العرب من غير الكتابيين لشيوع الأمية فيهم .
المعنى:
فإن جادلك اهل الكتاب أو جميع الناس في الدين بعد ما جاءهم العلم به وظهرت لهم براهينه فقل لهم أسلمت وجهي لله أي أخلصت ذاتي ونفسي له ومن آمن معي اخلصوا له أنفسهم كذلك .
و إطلاق الوجه على الذات كلها لأنه ترجمان النفس وعليه تظهر آثارها وهو من إطلاق اسم الجزء على الكل لأهميته .
و المراد من الآية أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لأهل الكتاب ذلك ليعلموا أنه ليس مسئولا عن انحرافهم وكفرهم وان تبعة ذلك عليهم وحده وانه سائر في طريق عبادة الله تعالى وحده هو وأتباعه دون اكتراث بضلالهم لأن المحاجة والجدل معهم لا فائدة فيهما بعدما جاءهم العلم بأن ما عليه هو الحق .
{و قل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم ..} أي قل يا محمد لأهل الكتاب من اليهود والنصارى .والأميين أي الذين لا كتاب لهم وهم مشركو العرب الذين عرفوا بهذا الوصف لعدم معرفة سوادهم الأعظم القراءة والكتابة قل لهم هل أجدى معكم هذا وأسلمتم متبعين لي كما فعل المؤمنون أم انتم بعد على الكفر .
قال الزمخشري:"يعني أنه أتاكم من البينات ما يوجب الإسلام ويقتضي حصوله لا محالة فهل أسلمتم ؟أم أنتم بعد على كفركم ؟وهذا كقولك لمن لخصت له المسألة ولم تبق من طرق البيان والكف طريقا إلا سلكته هل فهمتها ؟ومنه قول الله عز وجل وعلا{فهل انتم منتهون} ( المائدة 91 ) .بعدما ذكر الصوارف عن الخمر والميسر وفي هذا الاستفهام استقصار وتعيير بالمعاندة وقلة الانصاف لأن المنصف إذا تجلت له الحجة لم يتوقف إذعانه للحق انتهى .
{فإن أسلموا فقد اهتدوا} أي خرجوا من الضلال فنفعوا أنفسهم .
{و إن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد} وإن اعرضوا عن الإسلام فلا يضرك إعراضهم فما عليك إلا بالتبليغ وقد فعلت فخلصت بذلك من التبعة والله بصير بالعباد عليم بأحوالهم فلا تخفى عليه أعمالهم فيجزي من أسلم بإسلامه ،ويعاقب من أعرض على إعراضه .والجملة وعد ووعيد قال ابن كثير: هذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق كما هو معلوم من دينه ضرورة وكما دل عليه الكتاب والسنة في غير ما آية وحديث فمن ذلك قوله تعالى{قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} ( الأعراف 158 ) .
و قد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم كتبه على ملوك الآفاق وطوائف بني آدم من عربهم وعجمهم كتابيهم وأميهم امتثالا لأمر الله له بذلك وروى البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"أعطيت خمسا لم يعطهننبي من قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ،وأحلت لي الغنائم وأعطيت الشفاعة وأُرسل كل نبي إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة . ( 143 )