/م30
{من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون .}
المفردات:
فرقوا دينهم : اختلفوا فيما يعبدونه على حسب اختلاف أهوائهم .
شيعا : فرقا ،تشايع كل فرقة إمامها الذي مهد لها دينها وقرره ووضع أصوله .
كل حزب : الحزب: الطائفة من الناس والجمع: أحزاب .
التفسير:
أي لا تكونوا من المشركين الذي اختلفوا في شان دينهم اختلافات شتى ، على حسب أهوائهم ،وصاروا شيعا وفرقا وأحزابا متنازعة .
{كل حزب بما لديهم فرحون .}
أي كل حزب منهم صار مسرورا بما لديه من دين باطل ،وملة فاسدة ،وعقيدة زائفة ،وهذا الفرح بالباطل سببه جهلهم وانطماس بصائرهم عن الانقياد للحق .
قال الفخر الرازي في التفسير الكبير ما يأتي:
منيبين إليه واتقوه ...أثبت التوحيد الذي هو مخرج عن الإشراك .
{ولا تكونوا من المشركين .}
أراد إخراج العبد عن الشرك الخفي ،أي لا تقصدوا بعملكم إلا وجه الله ،ولا تطلبوا به إلا رضاء الله ، فإن من حصل على رضا الله ، فقد حصل على سعادة الدنيا والآخرة .
{من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا .}
يعنى لم يجتمعوا على الإسلام ،وذهب كل واحد إلى مذهب ،ويحتمل أن يقال وكانوا شيعا ...يعني بعضهم عبد الله للدنيا ،وبعضهم للجنة ،وبعضهم للخلاص من النار ،وكل واحد بما في نظره فرح ، وأما المخلص فلا يفرح بما يكون لديه ،وإنما يكون فرحه بأن يرضي الله ،ويقف بين يديه ،وذلك لأن كل ما لدينا نافد لقوله تعالى: ما عندكم ينفد وما عند الله باق ...( النحل: 96 ) فلا مطلوب لكم فيما لديكم حتى تفرحوا به ،وإنما المطلوب ما لدى الله وبه الفرح ،كما قال تعالى:
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ...( آل عمران: 169-170 ) .
جعلهم فرحين بكونهم عند ربهم ويكون ما أوتوا من فضله الذي لا نفاد له .
ولذلك قال تعالى: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ...( يونس: 58 ) لا بما عندهم فإن كل ما عند العبد نافد . x
***