المفردات:
ونأى بجانبه: تباعد عن دعاء الله وذكره ،كناية عن الانحراف والتكبر والصلف .
ذو دعاء عريض: كثير مستمر ،مستعار مما له عرض متسع ،إشارة إلى كثرته .
التفسير:
51-{وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض} .
من طبيعة الإنسان أنه إذا كثرت عليه النعمة والرخاء ،والمال والجاه والسلطان ؛استمتع بالنعمة ،وأغراه الجاه والسلطان ،واستغنى عن دعاء الله والتضرع إليه ،وأعرض عن الله مسرفا على نفسه بالمعاصي .
قال تعالى:{كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى} .( العلق: 6 ،7 ) .
وإذا تغير الحال وافتقر بعد الغنى ،أو مرض بعد الصحة ،أو ذل بعد الرفعة: اجتهد في الدعاء ،وأكثر من الرجاء ،فلا يعرف الله في حال النعمة بالشكر والحمد ،بل يقابل النعمة بالإعراض عن الله ،والانحراف عن الجادة ،فإذا أصابه الشر والفقر والمرض والذل ؛عرف باب الله في دعاء عريض كثير .
قال الرازي في تفسيره الكبير:
استعير العرض لكثرة الدعاء ،كما استعير الغلظ لشدة العذاب .
ملحوظة:
في الآية 49 من سورة فصلت:
{لا يسئم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط} .
وفي الآية 51 من نفس السورة:
{وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض} .
ولا منافاة بين قوله تعالى:{فيئوس قنوط} .
وبين قوله تعالى:{فذو دعاء عريض} .
مع أن كلا القولين عند مس الشر ،لأن الأول في قوم ،والثاني في قوم آخرين ،أو يئوس قنوط بالقلب ،وذو دعاء عريض باللسان ،إن حالة الكافر أو العاصي تتلخص في حب المال ،واليأس والقنوط من ذهاب النعمة ،ولذلك فهو يتشبث بالدعاء العريض الكثير لترد عليه النعمة ،أما المؤمن فعنده يقين بالله ،إذا جاءت النعمة شكر الله وأنفق النعمة في وجوه الخير ،وإذا جاءت الشدة صبر واحتسب ثوابه عند الله .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ،إن أصابته نعماء شكر فكان خيرا له ،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له )2 .