المفردات:
حتى تقيموا: حتى تؤدوا أداء كاملا على أحسن وجه .
طغيانا: الطغيان: تجاوز الحد في الضلال .
فلا تأس: فلا تحزن .
التفسير:
68- قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ...الآية
ادعى اليهود أنهم على ملة إبراهيم ،وأنهم متمسكون بالتوراة أنهم على الحق والهدى ،ولن يؤمنوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم{[294]} فأنزل الله تعالى هذه الآية .
والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء اليهود والنصارى:
يا أهل الكتاب ،لستم على شيء يعتد به من العقيدة الصحيحة ؛حتى تلتزموا بما أنزل الله في التوراة والإنجيل ،وحتى تؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ،ولا تفرقوا بين الرسل .
قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ،أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا .( النساء: 150-151 ) .
والمعروف أن اليهود والنصارى حرفوا التوراة والإنجيل ،ولم يعلموا بما بقي بين أيديهم منها ، فارتكبوا المنكرات واتبعوا الشهوات .
وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ .أي: لستم على شيء يعتد به من أمر الذين حتى تؤمنوا بما أنزل إليكم من ربكم من قرآن كريم يهذي إلى الرشد .
وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ... أمعن اليهود في الضلال والإضلال وجاوزوا الحد في الكفر والعناد ،وكان الأولى بهم أن يستجيبوا لهداية القرآن ويستمعوا لآياته بقلوب مفتوحة راغبة في الاستفادة .
لكنهم بدلا من أن يزدادوا إيمانا بما أنزل الله إليك ،ازدادوا إمعانا في الكفر والطغيان ،إلا قليلا منهم استجابوا للحق فآمنوا بما أنزله الله عليك من الآيات البينات ،وبقي الكثيرون على ضلالهم القديم .
فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .أي: إذا كان شأن الكثيرين كذلك فلا تحزن عليهم ،ولا تتأسف على القوم الكافرين فإنهم هم الذين استحبوا العمى على الهدى ،وحسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين .وليس المراد: نهيه صلى الله عليه وسلم عن الحزن والأسى ؛لأنهما أمران طبيعيان لا قدرة للإنسان عن صرفهما ،وإنما المراد نهيه هم لوازمهما .
كالإكثار من محاولة تجديد شأن المصائب ،وتعظيم أمرها ،وبذلك تتجدد الآلام ويحزن القلب .