/م1
المفردات:
بالحق: بالغرض الصحيح ،والحكمة البالغة ،وهو أن جعل الأرض مقرّ المكلّفين ،ليعملوا فيجازيهم ،وسخر السماوات لهم .
وصوّركم: التصوير: تخطيط وتشكيل وتمييز وتخصيص ،أي: خلقكم وبرأكم على صور وهيئات شتى ،يتميز بها كل واحد عن سواه .
فأحسن صوركم: أتقنها وأحكمها ،وجعلكم نموذج جميع المخلوقات ،كما قال تعالى: في أحسن تقويم .( التين: 4 ) .
المصير: المرجع والمآل .
التفسير:
3-{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} .
خلق السماوات والأرض بالحكمة البالغة ،وجعل الأرض مستقرا للإنسان ،وألهمه أداء مهمته ،ولم يخلق السماوات والأرض عبثا بدون هدف ،بل خلقهما بالحق والعدل ،ومن الحق أن يكافئ الطائع ،وأن يحاسب ويعاقب العاصي .
{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ...}
خلق الإنسان في أبدع صورة ،وأكمل هيئة ،ومنحه العقل والقوى الظاهرة والباطنة ،وأعطاه العقل والقدرة على الإبداع ،واستنباط المجهول من المعلوم ،وخلقه قائما منتصبا في أجمل شكل ،وشقّ له في وجهه للنظر عينين ،وللسمع أذنين ،ولسانا وشفتين ،وهداه النجدين ،وبيّن له الطريقين ،والجمال متفاوت ،والحسن متفاوت ،وكل إنسان قد أوتي نصيبا من الجمال ،بيد أن هناك الحَسَن والأَحْسَن ،كما أن هناك العالم والأعلم: وفوق كل ذي علم عليم .( يوسف: 76 ) .
جاء في تفسير الآلوسي:
قالت الحكماء: شيئان لا غاية لهما: الجمال والبيان .
وقال القرطبي:
فإن قيل: كيف أحسن صورهم ؟
قيل له: جعلهم أحسن كالحيوان كله ،وأبهاه صورة ،بدليل أن الإنسان لا يتمنى أن تكون صورته على خلاف ما يرى من سائر الصور ،ومن أحسن صورته أنه خُلق منتصبا غير منكبّ .1ه .
إنّ روح الإنسان مؤهله للسموّ الروحي ،والتألق في عالم الروحانيات ،بمحبة الله وعبادته وتسبيحه وتقديسه ،وتكبيره والالتجاء إليه ،والتفكّر في خلقه ،والتملّي بجمال مخلوقاته .
وبدن الإنسان من عالم الأشباح ،وهذا التركيب من خصائص الإنسان ،ففيه جزء طيني أرضي هو الجسم ،وفيه فيض نفخة روح الله تعالى .
قال تعالى:{إني خالق بشرا من طين*فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} .( ص: 71-72 ) .
وقال الشاعر:
وتزعم أنه جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
{وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} .المرج والمآل ،والحساب والجزاء .