/م80
84- وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين
أي: وأرسلنا عليهم نوعا من المطر عجيب أمره ،فقد كان المطر حجارة من طين متجمد ،قد أعد كل حجر لشخص معين ،كأنما سجل عليه اسم من يهلك به .
وجعل الله أعلى القرية أسفلها ؛لأنهم قلبوا الأوضاع ؛وأتوا الرجال دون النساء ،فقلب الله قريتهم حيث جعل أعلاها أسفلها ،ثم أمطر على المجرمين حجارة من طين متجمد .
فانظر كيف كان عاقبة المجرمين .
أي: فانظر أيها العاقل نظر تأمل وتدبر واتعاظ في مآل أولئك الكافرين المقترفين لأشنع الفواحش ،واحذر ان تعمل أعمالهم ؛حتى لا يصيبك ما أصابهم .
وقد وردت أحاديث تصرح بقتل من يعمل عمل قوم لوط فقد روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فقتلوا الفاعل والمفعول ) ( 71 ) .
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن اللائط يلقى من شاهق ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط .
وذهب بعض العلماء إلى أنه يرجم سواء أكان محصنا أو غير محصن ( 72 ) .
من تفسير أبي السعود:
قيل: كانت المؤتفكة خمس مدائن ،وقيل: كانوا أربعة آلاف بين الشام والمدينة ،فأمطر الله عليهم الكبريت والنار ،وقيل: خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم وشذاذهم ،وقيل: أمطر عليهم ثم خسف بهم ،وروى أن تاجرا منهم كان في الحرم فوقف الحجر له أربعين يوما حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه .
وروى أن امرأة لوط التفتت نحو ديارها فأصابها حجر فماتت ( 73 ) .
الإسلام دين الفطرة:
قال تعالى: ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فاتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين * نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين .( البقرة: 222 ، 223 ) .
روى مسلم في صحيحه: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يسكنوا معها في بيت واحد ،فسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله الآية ،فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) ( 74 ) .
وتفيد الآية: وجوب ترك الجماع بين الزوج وزوجته في أيام الحيض ،والحيض دم ينفضه رحم بالغة لأداء بها ولا حبل ولا تبلغ سن اليأس وهو سن 55 سنة غالبا .
وجماع الحائض يترتب عليه أضرار صحيحة جمة للرجل والمرأة ،وتصاب المرأة بأضرار أكثر من الرجل ،ولهذا أمر الله الرجل بترك جماع المرأة الحائض .ودم الحيض أقله ثلاثة أيام وأوسطه خمسة أيام وأكثره سبعة أيام فإذا انقطع دم الحيض ،ثم اغتسلت المرأة ؛أبيح الجماع في الفرج .
وفي الحديث الشريف: ( إن الله لا يستحيي في الحق ،لا تجامعوا النساء في حشاشتهن ) ( 75 ) أي: في أدبارهن وفي الحديث النبوي الشريف: ( ملعون من أتى امرأته من دبرها ،ملعون من عمل عمل قوم لوط ) ( 76 ) .
والمرأة التي تجامع في دبرها يكون عند أولادها لين واستعداد لأن يفعل بهم ما فعل بأمهم .ولهذا حرم الله جماع المرأة في دبرها .وهذا الأمر محرم تحريما قاطعا عند أهل السنة وعند الشيعة مكروه كراهة تحريم .
وقد جاء في تفسير ابن كثير:
أن أهل مكة كانوا يستمتعون بالمرأة مقبلة ومدبرة وعلى جنبها وعلى قفاها ويلزون المرأة لزا ،أي: أنهم يستمتعون بالمرأة في حالات كثيرة من حالات الجماع ،لكن كله في القبل وهو مكان الحرث .
فلما هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة تزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار .وكانت الأنصار تجاور اليهود ،واليهود لا يجامعون المرأة إلى على حالة واحدة وهي أستر ما تكون عليه المرأة .
أي: عندما تكون المرأة مستقبلة على ظهرها ،وزوجها فوقها .
فلما أراد أحد المهاجرين أن يستمتع بزوجته الأنصارية في حالات كثيرة من الجماع امتنعت عليه ،ثم ذهبت فأخبرت السيدة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،ولما أخبرت عائشة النبي عليه الصلاة والسلام أنزل الله الآية 223 من سورة البقرة ،وهي تجعل المرأة مكان الحرث فالحرث ينبت الزرع الذي قيم حياة الإنسان ،والمرأة تنبت الولد الذي يعمر الحياة ،ويباح للزوج جماع زوجته كيف شاء ،ومن أي جهة شاء ،من خلف ومن قدام ،وباركة ومستلقية ومضطجعة إذا كان في موضع الحرث .
وبهذا نرى أن الإسلام كان دينا وسطا وهو دين الفطرة السليمة ،فقد أباح للزوج الاستمتاع بالحائض ما عدا الجماع في الفرج ،فإذا طهرت المرأة الحائض واغتسلت ؛أباح للزوج الاستمتاع بزوجته في أي وضع من أوضاع الجماع ما دام الجماع في الفرج وهو مكان الحرث ،كما حرم الإسلام جماع الزوجة في دبرها ؛حفاظا على سلامة الفطرة ،وحتى تولد أجيال سليمة بعيدة عن الشذوذ .
إن اللواط مرض نفسي ،وشذوذ عن الفطرة ،وسبب في أمراض فتاكة ،وإن الإسلام أباح التمتع والأخذ بنصيب وافر من زينة الدنيا ومتعة الحياة بين الرجل والمرأة على السواء مع الاعتدال والسلامة والتوسط وفي الحديث الشريف: ( وفي بضع أحدكم صدقة ) .