27 –{ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم} .
أي: ثم يتجاوز الله بعد هذا التعذيب الذي حدث في الحرب ،على من يشاء من الكفار .
يعني: ومع كل ما جرى عليهم من الخذلان ،فإن الله تعالى قد يتوب على بعضهم ،بأن يزيل عن قلبه الكفر ،ويهديه إلى الإسلام .
من كلام المفسرين
قال ابن كثير:
وقوله:{ثم يتوب الله من بعد ذلك على ما يشاء ....} قد تاب على بقية هوزان فأسلموا ،وقدموا على رسول الله مسلمين ،ولحقوه وقد قارب مكة عند الجعرانة ،وذلك بعد الواقعة بقريب من عشرين يوما ؛فعند ذلك خيرهم بين سبيهم وأموالهم ،فاختاروا سبيهم ،وكانوا ستة آلاف أسير ،ما بين صبي وامرأة فرده عليهم ،وقسم الأموال بين الغانمين ،ونفل أناسا من الطلقاء ؛لكي يتألف قلوبهم على الإسلام ؛فأعطاهم مائة مائة من الإبل ،وكان من جملة من أعطاهم مائة من الإبل: مالك بن عوف النصرى واستعمله على قومه37 .
وأخيرا فإنه هذه الآيات قد ذكرت المسلمين بجانب نعم الله عليهم ،وأرشدتهم إلى أن النصر لا يتأتى لمن أعجبوا بكثرتهم ،فانشغلوا بها عن الاعتماد عليه سبحانه ،إنما النصر يتأتى لمن أخلصوا لله في السر والعلانية ،وباشروا الأسباب التي شرعها الله تعالى ؛للوصول إلى الفوز والظفر .
قال الإمام ابن القيم:
افتتح الله تعالى غزوات العرب بغزوة بدر ،وختم غزوهم بغزوة حنين ؛لهذا يقرن بين هاتين بالذكر ،فقال: بدر وحنين وإن كان بينهما سبع سنين ...وبهاتين الغزوتين طفئت جمرة العرب لغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ،فالأولى: خوفتهم وكسرت من حدتهم ،والثانية: استفرغت قواهم ،واستنفذت سهامهم ،وأذلت جمعهم ؛حتى لم يجدوا بدا من الدخول في دين الله38 .