قوله تعالى:{إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ...} الآية [ المائدة: 90] .
إن قلتَ: هذه المذكورات من عمل العبد ،لا من عمل الشيطان ؟ !
قلتُ: في الكلام إضمار ،أي تعاطي هذه الأشياء من عمل الشيطان .
فإن قلتَ: مع هذا الإضمار كيف قال:{من عمل الشيطان} ،وتعاطي هذه الأشياء من عمل الإنسان ،لا من عمل الشيطان ؟ !
قلتُ: لما كان تعاطي هذه الأشياء ،بوسوسة الشيطان وتزيينه ذلك للفُسّاق ،صار كما لو أغرى رجل رجلا بضرب آخر فضربه ،فإنه يجوز أن يقال للمُغْري هذا من عملك .
فإن قلتَ: لم خصّ من الأشياء المذكورة"الخمر "و "الميسر "بالذّكر ،في قوله:{إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر} ؟[ المائدة: 91] .
قلتُ: خصّهما بالذكر تعظيما لأمرهما ،ولأن ما ذكر من العداوة والبغضاء بين الناس ،يقع كثيرا بسببهما ،دون الباقي .
وقيل: إنما خصّهما بالذكر بيانا للواقع ،لأن الخطاب للمؤمنين ،بدليل قوله:{يا أيها الذين آمنوا} [ المائدة: 95] وهم إنما كانوا يتعاطون الخمر والميسر فقط .