ثم قال : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ الله رَمَى } ؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ كفّاً من تراب ورمى به وجوههم فانهزموا ولم يبق منهم أحد إلا دخل من ذلك التراب في عينيه . وعَنَى بذلك أن الله بلغ بذلك التراب وجوههم وعيونهم ، إذ لم يكن في وُسْعِ أحد من المخلوقين أن يبلغ ذلك التراب عيونهم من الموضع الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم . وهذه كلها من دلائل النبوة . ومنها وجود مخبرات هذه الأخبار على ما أخبر به ، فلا يجوز أن يتفق مثلها تخرُّصاً وتخميناً . ومنها ما أنزل من المطر الذي لبّد الرمل حتى ثبتت أقدامهم عليه وصاروا وبالاً على عدوهم ؛ لأن في الخبر أن أرضهم صارت وَحَلاً حتى منعهم من المسير . ومنها الطمأنينة التي صارت في قلوبهم بعد كراهتهم للقاء الجيش . ومنها النعاس الذي وقع عليهم في الحال التي يطير فيها النعاس ، ومنها رَمْيُه للتراب وهزيمة الكفار به .