وقوله تعالى : { يَستَهزىءُ بهِمْ } [ 15 ] : يجوز أن يكون مقابلة الكلام بمثله ، كقوله : { وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سيَّئَةٌ مِثلُهَا{[14]} } ، وكذلك { فَاعتدُوا عَلَيهِ }{[15]} الآية ، وقيل : إنه لما رجع وبال الاستهزاء عليهم فكأنه استهزأ بهم .
ولما كانت جريمتهم أضر على المسلمين ، أخبر أنهم في الدرك الأسفل من النار ، ودل على أن العقوبات في الدنيا ليست على أقدار الجرائم ، وإنما هي على قدر مصالح الدنيا{[16]} ، وجائز أن لا تشرع العقوبة في الدنيا أصلاً وإنما تشرع في الآخرة .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مأمورا في ابتداء الإسلام بالصفح{[17]} عنهم ، والدفع بالتي هي أحسن ، وفرض القتال بعد ذلك للمصلحة ، فيجوز أن يقتل من يظهر الكفر دون من يسر للمصلحة ، ويجوز خلافه ، ويجوز أن يرد الشرع بقتل النسوان{[18]} وأن يرد بخلافه ، والعقل لا يمنع من ذلك .