وقال : { وَلَكُمْ في القَصَاصِ حَيَاةٌ } [ 179 ] وذلك تنبيه على الحكمة في شرع القصاص ، وإبانة الغرض منه ، وخص أولي الألباب مع وجود المعنى في غيرهم لأنهم المنتفعون به ، كما قال : { إنّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ مَنْ يَخْشَاهَا{[147]} } . وقال : { نَذِيِرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد{[148]} } ، فأبان أنه منذر الجميع ولكنه خص في موضع " من يخشاها " لأنهم المنتفعون بإنذاره ، وقال : { هُدَىً للمُتّقِين } مع قوله في موضع آخر { هُدَىً للنّاسِ } لأن المتقين هم الذين ينتفعون به . . وقال في قصة مريم : { قَالَتْ إنِّي أَعُوذُ بِالرّحْمَنِ مِنْكَ إنْ كُنْتَ تَقِيّاً{[149]} } ، لأن المتقي هو الذي يعيذ من استعاذ بالله تعالى . .
وقوله : { والجُرُوحَ قِصَاصٌ }{[150]} يدل على مراعاة المماثلة في الجراح ، على ما قاله الشافعي رحمه الله ، وأن يفعل بالقاتل مثل ما فعله ، فإن لم يمت وجب قتله ، فإن القتل لا بد منه قصاصاً لأخذ النفس بالنفس فجمعنا بين قوله تعالى : { والجُرُوحَ قِصَاصٌ } وبين قوله : { النّفْسُ بِالنّفْسِ } وهذا أولى من طرح أحدهما . .