قوله تعالى : { وكَيْفَ يُحَكمُونَكَ وعِندَهُم التّوْرَاةُ فِيهَا }{[1190]} الآية :
معناه فيما تحاكموا إليك في حد الزانيين ، وأنهم لم يتحاكموا إليك طلباً لحكم الله تعالى ، وإنما تحاكموا إليك لطلب الرخصة ، وما أولئك بالمؤمنين بحكمك أنه من عند الله مع جحدهم لنبوتك .
وقوله تعالى : { وعِنْدَهُمُ التّوْرَاةُ فِيها حُكْم اللهِ } : يدل على أن حكم التوراة فيما اختصوا فيه لم يكن منسوخاً ، وأنه صار بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شريعة ، ما لم ينسخ ، لأنه لو نسخ لم يقل بعد النسخ إنه حكم الله . وقد استدل قوم على أن شرع من قبلنا يلزمنا{[1191]} ، وهذا لا وجه له ، فإن قوله : فيها حكم الله ، ليس يدل على أن كل ما فيها حكم الله ، بل قد نسخ بعضها ، وإنما يدل على أن فيها حكم الله ونحن نقول بذلك الحكم ، وذلك الحكم هو الرحيم الذي اختصموا فيه إليه من جهة الزاني{[1192]} .