قوله تعالى : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أنْفُسِهِم وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } ، الآية :[ 9{[1663]} ] :
والخصاصة الحاجة ، فأثنى الله تعالى عليهم بإيثارهم المهاجرين على أنفسهم فيما ينفقون عليهم ، وإن كانوا هم محتاجين إليه ، ووردت أخبار صحيحة في النهي عن التصدق بجميع ما يملكه الإنسان ، ولكن إنما كره ذلك في حق من لا يوثق منه بالصبر على الفقر ، وخاف أن يتعرض للمسألة إذا فقد ما ينفقه ، ألا ترى أنه قال : يأتيني أحدكم بجميع ما يملكه فيتصدق به ثم يقعد يتكفف وجوه الناس ، فإنما كره الإيثار لمن كانت هذه صفته ، فأما الأنصار الذين أثنى الله عليهم فلم يكونوا على هذه الصفة ، بل كانوا كما قال تعالى : { والصَّابِرِينَ في البَأْسَاءِ والضّرَّاءِ وحِينَ البَأْسِ{[1664]} } ، فكان الإيثار منهم أفضل من الإمساك ، والإمساك لمن لا يصبر ويتعرض للمسألة أولى من الإيثار .