وَهِيَ : الْآيَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ :
فَقَوْلُهُ : { فِي نَفْسِك } يَعْنِي صَلَاةَ الْجَهْرِ . وَقَوْلُهُ : { وَدُونَ الْجَهْرِ من الْقَوْلِ } يَعْنِي صَلَاةَ السِّرِّ ؛ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ فِيهِ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيه قَلِيلًا بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ : إنَّمَا خَرَجَتْ الْآيَةُ عَلَى سَبَبٍ ؛ وَهُوَ أَنَّ قَوْمًا كَانُوا يُكْثِرُونَ اللَّغَطَ فِي قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَيَمْنَعُونَ من اسْتِمَاعِ الْأَحْدَاثِ لَهُمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } ، فَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِالْإِنْصَاتِ حَالَةَ أَدَاءِ الْوَحْيِ ، لِيَكُونَ عَلَى خِلَافِ حَالِ الْكُفَّارِ .
قُلْنَا : عَنْهُ جَوَابَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذَا لَمْ يَصِحَّ سَنَدُهُ ؛ فَلَا يَنْفَعُ مُعْتَمَدُهُ .
الثَّانِي : أَنَّ سَبَبَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ إذَا كَانَ خَاصًّا لَا يَمْنَعُ من التَّعَلُّقِ بِظَاهِرِهِ إذَا كَانَ عَامًّا مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ لِلْبُخَارِيِّ وَلَا لِلشَّافِعِيَّةِ كَلَامٌ يَنْفَعُ بَعْدَمَا رَجَّحْنَا بِهِ وَاحْتَجَجْنَا بِمَنْصُوصِهِ ، وَقَدْ مَهَّدْنَا الْقَوْلَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ تَمْهِيدًا يُسَكِّنُ كُلَّ جَأْشٍ نَافِرٍ .