22- قوله تعالى : { الذي جعل لكم الأرض فراشا ، والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم } { البقرة : 22 } .
في هذه الآية مجاز كثير فإنه جعل الأرض فراشا ، والسماء بناء ، والفراش والبناء في اللغة يطلقان{[43]}على غير ذلك ، وإنما يطلق على الأرض فراشا وعلى السماء بناء على التشبيه لهما بالفراش الحسي والبناء الحقيقي . وقد أنكر المجاز في القرآن قوم{[44]} ، وهذا وأمثاله يرد قولهم . فلو حلف إنسان أن لا يبيت على فراش ولا يرقد تحت بناء ، فبات على الأرض وبات لا يحجبه عن السماء شيء لم يحنث ، لأن إطلاق اللفظ ينصرف إلى الحقيقة .
وقوله تعالى : { فأخرج به من الثمرات رزقا لكم } |البقرة : 22| . اختلف في الرزق ما هو ؟ فذهب الأكثر إلى أنه ما يصح الانتفاع به . وذهبت المعتزلة إلى أنه ما يصح تملكه ، وليس الحرام عندهم برزق ، وإن عاش الإنسان منه طول دهره . واحتج بعض الناس بهذه الآية على إبطال قولهم لأن الله تعالى أوقع اسم الرزق فيها على ما يخرج من الثمرات قبل التملك لها ، أي أخرج منها ما يصلح أن يكون رزقا لكم ، وكذلك احتج على إبطال ذلك بعضهم أيضا بقوله تعالى بعد هذا { كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } |البقرة : 24|{[45]} .
قال بعضهم : ودل قوله : { الذي جعل لكم الأرض فراشا } إلى قوله تعالى : { فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا } |البقرة : 24| على الأمر باستكمال حجج العقول وإبطال التقليد .