{الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون( 22 )}
المفردات:
جعل الأرض فراشا: مبسوطة ممهدة كالفراش .
السماء بناء: أي قبة مرفوعة محكمة البناء .والبناء في الأصل مصدر سمي به المبنى بيتا كان أو قبة أو خفاء ،ومنه قولهم: بنى الرجل على زوجته إذا ضرب فوقها قبة ،والمراد انه جعل السماء فوقهم سقفا مرفوعا كالقبة ،قال تعالى: وجعلنا السماء سقفا محفوظا( الأنبياء ( 23 ) .
أندادا: شركاء والند التشبيه والنظير .
التفسير:
{الذي جعل لكم الأرض فراشا ...} مبسوطة ممهدة لتيسير الإقامة والحياة منها ،وأمدها بكل مقومات الحياة وسخر فيها وسائل الراحة والمتاع ،ويسر فيها التوافق العجيب في الهواء والماء والنبات والمناخ والسطح والتربة .
والسماء بناء .لقد رفع الله السماء وزينها بالكواكب ،وهي بحرارتها وضوئها وجاذبية أجرامها وتناسقها وسائر النسب بين الأرض وبينها تمهد لقيام الحياة على الأرض وتعين عليها .
وأنزل من السماء ماء .فأخرج به شتى أنواع الثمار ،وأحيا به الأرض بعد موتها ،وأكمل به الحياة في جميع صورها ،وأشكالها ...وجعلنا من الماء كل شيء حي .
وفي ذلك النداء تبرز كليتان من كليات التصور الإسلامي هما: وحدة الخالق لكل الخلائق ووحدة الكون وتناسق وحداته وصدقاته للحياة والإنسان .
فالأرض مفروشة والسماء مبنية بنظام ،والماء ينزل ويخرج به الثمرات ،رزقا للناس ،والفضل يعود في هذا إلى الخالق الواحد .
{فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} . إنكم تعلمون قدرة الخالق وبديع صنعه ودقة إحكام خلقه ،فينبغي أن تفردوه بالعبادة وألا تعبدوا معه أصناما ولا تقصدوا سواه ،ولا تتخذوا أندادا أو شركاء مع الله .
أن الوحدانية عقيدة وسلوك ،ويقين جازم بقدرة الله وصدق الاعتماد عليه ،والإيمان بأنه الخالق الرازق ،وأن تصرف الإنسان سبب مباشر والمسبب الحقيقي هو الله وفي الحديث الشريف:
"إن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ،ولا تشكروا به شيئا "( 50 ) .
( وهذه الآية دالة على توحيده تعالى بالعبادة وحده لاشريك له ،وقد استدل بها كثير من المفسرين-كالرازي مثلا وغيره- على وجود الصانع تعالى ،وهي دالة على ذلك بطريق الأولى فان من تأمل هذه الموجودات السفلية والعلوية ،واختلاف أشكالها وألوانها وطباعها ومنافعها ووضعها في مواضع النفع بها محكمة ،علم قدرة خالقها وحكمته وعلمه وإتقانه وعظيم سلطانه )( 51 ) .