44- قوله تعالى : { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم } |البقرة : 44| .
هذا تقريع{[148]} وتوبيخ ، ومعنى قوله تعالى : { وتنسون أنفسكم } تتركون كما قال تعالى : { نسوا الله فنسيهم } |التوبة : 67| واختلف في معناها . فقال ابن جريج : كانت الأحبار يحضون الناس على طاعة الله ويواقعون{[149]} المعاصي{[150]} . وقال غيره : كانوا يحضون على الصدقة ولا يتصدقون . وقيل : كانوا إذا استرشدهم أحد من العرب في اتباع{[151]} محمد صلى الله عليه وسلم دلوه على ذلك ولا يفعلونه هم . وقال ابن عباس : كانوا يأمرون أتباعهم باتباع التوراة ، ويخالفونها في جحدهم منها صفة النبي{[152]} صلى الله عليه وسلم{[153]} . وفي هذه الآية حجة لمن يرى من المعتزلة أن من كان على معصية ، فليس له أن يحتسب في رفع المعاصي والحق أن له أن يحتسب والمستند في ذلك الإجماع ، والآية إنما وردت على التمام والكمال وما هو الأكمل والأفضل والمندوب إليه .