72- وقوله تعالى : { وإذ قتلتم نفسا فادارءتم فيها } |البقرة : 72| .
سبب هذا القتل على ما روي أن رجلا من بني إسرائيل عمر ، كان له مال ، فاستبطأ ابن أخيه موته- وقيل : أخوه وقيل : بنو{[202]} عمه ، وقيل ورثته غير معينين- فقتله ليرثه وألقاه في سبط آخر غير سبطه ليأخذ ديته ويلطخهم بدمه . وقيل : كانت إسرائيل في قريتين متجاورتين فألقاه إلى باب أحد المدينتين وهي التي لم يقتل فيها ، ثم جعل يطلبه وهو سبطه حتى وجده قتيلا ، فتعلق بالسبط أو بسكان المدينة التي وجد القتيل فيها ، فأنكروا قتله فوقع بينهم لجاج حتى دخلوا في السلاح . فقال أهل الأمر والنهي منهم أنقتتل ورسول الله معنا ؟ فذهبوا الى موسى-عليه السلام- وسألوه البيان فأوحى الله إليه أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها فيحيى ويخبر بقاتله{[203]} . وكأن السبب في تخصيص البقرة بالذبح ما أراد الله تعالى من صنعه الجميل بصاحبها .
وقد اختلف في كيفية ذلك ، فقيل : إن رجلا من بني إسرائيل ولد له ابن ، وكان له عجلة فأرسلها في غيضة{[204]} وقال : اللهم إني استودعتك هذه العجلة لهذا الصبي ، ومات الرجل فصنع الله تعالى فيها مع الصبي ما صنع . وقيل : كان ذلك بسبب رجل كان يبر أمه . وقيل : إن رجلا كان بارا بأبيه ، فنام أبوه يوما وتحت رأسه مفاتيح مسكنهما فمر به بائع جوهر فساومه بستين ألفا . فقال ابن النائم : اصبر حتى ينتبه أبي وأنا آخذه بسبعين ألفا ، فقال صاحب الجوهر : نبه أباك وأنا أعطيكه بخمسين ألفا ، فداما كذلك حتى بلغ ابن النائم مائة ألف وبلغ صاحب الجوهر ثلاثين ألفا . فقال له ابن النائم : والله لا أشتريه منك بشيء ، برا بأبيه فعوضه الله تعالى منه ذلك . وقيل : وجدت عند عجوز كانت تعول يتامى كانت البقرة لهم ، وكانت قيمة البقرة على ما ذكر عكرمة ثلاثين دنانير . واختلف فيما اشتروها به ، فقيل : بوزنها مرة ، وقيل : مرتين ، وقيل : عشر مرار ، وقيل : بملىء جلدها دنانير{[205]} . وحكى مكي{[206]} أن هذه البقرة نزلت من السماء وقيل : كانت وحشية .