قوله تعالى : { ولا يأتل أولوا الفضل منكم . . . والسعة } إلى قوله تعالى : { إن الذين يرمون المحصنات } :
نزلت هذه الآية على مشهور الروايات {[10013]} في قصة أبي بكر الصديق ومسطح بن أثاثة {[10014]} ابن بنت خالته وكان أبو بكر ينفق عليه فلما وقع أمر الإفك وقال فيه مسطح ما قال حلف أبو بكر أن لا ينفق عليه . واعتذر إليه مسطح وقال : كنت أغشي مجلس حسان {[10015]} فأسمع ولا أقول . فقال : لقد ضحكت وشاركت فيما قيل ، ومن على يمينه . فنزلت الآية {[10016]} وقيل بل نزلت من أجل جماعة من المؤمنين قطعوا منافعهم عن كل من قال في الإفك وقالوا : والله ما نصل من تكلم في شأن عائشة . فنزلت الآية ، والأول أصح . إلا أن لفظ الآية عام بأن لا يحلف أحد على منع فضل لمن كانت صفته هذه . ورأى الفقهاء أن من حلف أن لا يفعل سنة من السنن أو مندوبا إليه أنها حرمة في شهادته ، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : " أيكم المتآلي على الله أن لا يفعل خيرا " {[10017]} . وفي الآية دليل على أن الأولى بالإنسان إذا حلف على أمر فرأى غيره خيرا منه أن يحنث ولا يستمر على اليمين كما قال عليه الصلاة والسلام : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير " {[10018]} وفي هذا دليل بطلان قول أبي حنيفة في أن الأيمان تحرم وأن الكفارة وجبت لكون المحلوف عليه محرما بحكم يمينه ، " وهذا أبين في هذا المعنى . وقد قال قوم {[10019]} إنه إذا حلف فلا كفارة كفارته أن يفعل ما هو خير ، وهذا بعيد وقد قال عليه الصلاة والسلام : " فليفعل الذي هو خير وليكفر عن يمينه " .