قوله تعالى : { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات . . . . } إلى قوله تعالى : { يوم تشهد } .
اختلفت في هذه الآية . فقيل نزلت في شأن عائشة خاصة هذا الحكم إنما كان لها خاصة دون سائر النساء المؤمنات المحصنات {[10020]} وقال جماعة {[10021]} بل ذلك لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم دون سائر المؤمنين . واختلف الذين ذهبوا إلى هذا هل لمن قذف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم {[10022]} توبة أم لا . فذهب ابن عباس إلى أنه لا تقبل له توبة وتأول عليه ظاهر الآية . ورأى الآية الأخرى : { والذين يرمون المحصنات . . . . } إلى قوله { إلا الذين تابوا } في سائر القاذفين . ورأى غيره أن التوبة مقبولة والدليل على ذلك معاتبة الله تعالى من قطع المنفعة عمن كان ينفق عليه من أجل الإفك . وقال قوم إنها في عائشة إلا أن المراد بها كل من كان بالصفة التي وصف الله تعالى فيها ، فهي عامة في كل محصنة لم تقارب سوءا {[10023]} وقال بعض من ذهب إلى هذا القول أن الآية نزلت أولا في القاذفين ثم نزلت بعد الآية التي في صدر السورة التي فيها التوبة {[10024]} . وهذا القول أظهر في الآية من سائر الأقوال . فتحمل على عمومها في وجوب العذاب العظيم واللعنة في الدنيا والآخرة في كل من قذف محصنة إلا أن يتوب ، فإن الله تعالى يقبل توبته على ما ورد في آية أخرى . وكما لم تقصر الآية في وجوب الجلد على أصحاب الإفك كذلك لا تقصر الثانية فيما تضمنت من الوعيد على من قذف عائشة أو سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم . والمعروفون من أهل الإفك مسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش {[10025]} وجلدا الحد ، وعبد الله بن أبي علي من ذكر بعضهم . واختلف في حسان فقيل كان منهم وجلد الحد وقيل لم يكن منهم ولا جلد الحد . واختلف في الذي عني منهم بقوله تعالى : { والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم } [ النور : 11 ] فقيل عبد الله بن أبي وهو المشهور ، وقيل حسان . والأخبار في هؤلاء كثيرة وليس هذا الكتاب بموضع لذلك .