قوله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم . . . . } إلى قوله تعالى : { إن الذين جاءوا بالإفك . . . . } :
اختلف في سبب هذه الآية . فقيل قصة عويمر العجلاني {[9984]} الذي قال : يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل ؟ فقال : " قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها " فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ثم قال : " انظروها فإن جاءت به أسحم أديفح العينين عظيم الإليتين فلا أراه إلا قد صدق عليها . وإن جاءت به أحيمر كأنه وحدة فلا أراه إلا كاذبا " . قالت فجاءت به على النعت المكروه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن " . والقصة طويلة وهي مشهورة ، وفي ألفاظ الحديث اضطراب . وقيل سببها قصة هلال {[9985]} وذلك أنه لما نزلت الآية المتقدمة : { والذين يرمون المحصنات } عم ظاهرها الأزواج وغيرهن . وقال سعد بن عبادة : يا رسول الله لو وجدت لكاع قد تفخذها رجل لم يكن أن أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء . فوالله لآتي بهم حتى يفرغ من حاجته . وفي بعض الأحاديث : والله لأضربنه بالسيف غير مصبح . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تسمعون ما يقول سيدكم ؟ " قالوا لا أكلمه يا رسول الله فإنه رجل غيور ما تزوج فينا قط إلا عذراء ولا طلق امرأة فاجترأ أحد منا أن يتزوجها . وفي بعض الأحاديث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير من سعد ، والله أغير مني " فما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية الرافقي فرمى زوجته بشريك بن سحماء البلوي {[9986]} فعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضربه حد القذف ، واجتمعت الأنصار فقالوا ابتلينا بما قال سعد يجلد هلال وتبطل شهادته في المسلمين ، فبينما هم كذلك إذ نزلت الآية فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما في المسجد . وقيل لكل واحد منهما عند الخامسة : اتق الله فإن عذاب الله تعالى أشد عذاب وأنها الموجبة التي توجب عليك العذاب . فتلكأت المرأة عند الخامسة لما وعظت ثم قالت : لا أفضح قومي سائر القوم ولجت . وفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، وولدت غلاما كأنه جمل أورق ثم كان بعد ذلك الغلام أميرا بمصر . والحديث أطول من هذا ولكن اختصرته كما فعلت بالأول {[9987]} وهذا القول في الآية أشهر .
وقد قيل في هذه الآية إنها ناسخة لقوله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } الآية {[9988]} وهذا ليس بنسخ وإنما تخصيص عموم .
قوله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم } هذه الآية عامة لكل زوجين إلا من خصص منهما بدليل كالكافرين إلا أن يرضيا بأحكامنا . وظاهرهما أنهما سواء في الأحرار والعبيد ، وقد قال بذلك الظاهر مالك والشافعي وغيرهما ولم يقل به أبو حنيفة ورأى أنه لا لعان بين هذين . قال لأن المراد بالآية من تجوز شهادته من الأزواج لأن الله تعالى استثناهم من الشهداء بقوله تعالى : { ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } فسماهم شهداء بذلك إذ المستثنى من جنس المستثنى منه ، وقال : { فشهادة أحدهم } فدل على أن اللعان شهادة والعبد لا تجوز شهادته وليس ذلك بصحيح لأن الاستثناء منقطع والمعنى فيه : ولم يكن لهم شهداء غير قولهم الذي ليس بشهادة ، كما قالوا الصبر حيلة من لا حيلة له والجوع زاد من لا زاد له . فاللعان يمين وليس بشهادة وإنما أخذ من باب الشهادة بالعين والقلب فسمي شهادة لهذه العلة ، فالخلاف يرجع إلى أن اللعان هل هو يمين أو شهادة ؟ وظاهرها أيضا العموم في المحدودين في القذف وغير المحدودين ، وقد قال به مالك والشافعي وغيرهما ولم يقل به أبو حنيفة ، فرأى أنه لا يلاعن المحدود في القذف وعلته في ذلك ما قدمته أيضا . ومما يرد عليه به من قوله إنه يرى اللعان للفاسق المعلوم بالفسق وشهادته لا تجوز ، وكذلك الأعمى وشهادته عنده لا تجوز . وظاهر الآية العموم في الصغيرة التي لا تحمل والكبيرة اليائسة وأنه من قذف زوجته – وإن كانت يؤمن عليها الحمل – لاعن وإلا حد . وقيل لا يلاعن . وحكي عن ابن الماجشون لا حد على من قذف من لم تبلغ . قال اللخمي فعلى هذا لا لعان على زوج الصغيرة التي لا تحمل {[9989]} .
واختلف أيضا إذا كان الزوج خصيا أو مجبوبا ، فقيل يلاعن لعموم الآية ، وقيل لا يلاعن . يعني قائل هذا لأن صدقهما ظاهر . واتفق في المذهب على أن الآية دالة على وجوب اللعان بادعاء رؤية لا مسيس بعدها من غير ظاهرة الحمل ، وبإنكار الوطء جملة أو منذ مدة لا تلحق في مثلها الأنساب . واختلف في نفي الحمل إذا ادعى الزوج قبله الاستبراء . فالمشهور أن اللعان يجب بذلك . وحكي عن مالك أنه قال مرة أن الولد لا ينفى بالاستبراء لأن الحيض يأتي على الحمل . وقاله أشهب في كتاب محمد {[9990]} وقاله المغيرة أيضا {[9991]} . والقول أصح على ظاهر الآية لأن هذا قد رمى زوجته . وعن مالك في الاستبراء قولان : أحدهما : أنه حيضة ، والثاني : أنه ثلاث حيض .
واختلف أيضا في وجوب اللعان في نفي الحمل مجردا دون ادعاء الاستبراء على قولين مرويين عن مالك . فمن الحجة للقول باللعان عموم الآية والقول بنفي اللعان في ذلك أظهر لما يعضده من النظر . واختلف أيضا في وجوب اللعان بادعاء رؤية الزنا على حامل بينة الحمل على ثلاثة أقوال مروية عن مالك : أحدها : إيجاب الحد ولا لعان . والثاني : إيجاب اللعان وسقوط النسب به . والثالث : إيجاب اللعان وثبوت النسب ، وهذا القول أظهر لعموم الآية . واختلف أيضا فيمن قذف الزوجة قذفا {[9992]} مجردا دون أن يقرن بذلك ادعاء رؤية أو نفي حمل هل فيه لعان أم لا على قولين مرويين عن مالك . ووجه القول باللعان عموم الآية . واختلف فيمن ادعى رؤية ثم مس بعدها . ففي المذهب أنه يحد ولا يلاعن . وقال الباجي يلاعن على مذهب الشافعي . ومن حجة هذا القول عموم الآية {[9993]} والقول الأول أظهر من جهة النظر . وفي المذهب أنه يلاعن بنفي الحمل دون قذف . وذهب الشافعي في أحد قوليه إلى أنه لا يلاعن بذلك إلا أن يقذفها . والقول الأول أظهر لأن من نفي حملا فقد قذف . واختلف هل يلاعن وهي حامل أم حتى تضع على قولين مرويين عن مالك . وحجة القول باللعان عموم الآية . واختلف فيمن نفى حملا وادعى مع ذلك رؤية وأقام البينة على من زنى بها هل يسقط اللعان أم لا ؟ ففي المذهب أنه لا يسقط اللعان من أجل الحمل . وذهب قوم إلى أنه يسقط لعموم الآية . واختلف إذا قال لزوجته : زنيت ، قبل الزوجية . في المذهب أنه لا يحد ولا يلاعن . وقال أبو حنيفة يلاعن . ودليل القول الأول قوله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم } ولم تكن هذه زوجة . واختلف في لعان الأخرس والخرساء إن فهم عنهما بإشارة أو كتابة . ففي المذهب أنه يصح . وقال أبو حنيفة والشافعي لا يصح . ودليل القول الأول عموم الآية . وقد اختلف في الأعمى يقذف . فقال ابن القاسم يلاعن لعموم الآية ، وقاله مالك أيضا . وروي عن مالك أيضا أنه لا يصح أن يلاعن إلا أن يقول لمست فرجها في فرجه . واختلف إذا رمى زوجته برجل مخصوص سماه هل يحد حد القذف لذلك الرجل مع لعانه لزوجته أم لا ؟ فالجمهور على أنه يحد . وقال الشافعي لا يحد لأن الله تعالى قد صدقه في نفس الواقعة مع إيمانه فصار ذلك شبهة في درء الحد عنه مع أنه لم يأت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حد الذي قذف شريك بن السمحاء بامرأته . وفي صفة اللعان اضطراب كثير . اختلف هل تقول : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو ، ولا بد أوله أن يقتصر على : أشهد بالله . فالمشهور أنه يقول أشهد بالله . وفي كتاب ابن المواز أنه يزيد : الذي لا إله إلا هو . والأول أظهر على لفظ الآية لأنه تعالى قال : { أربع شهادات بالله } ولم يزد . وكذلك اختلف في الحالف في الأموال . واختلف أيضا هل له أن يحلف بصفة من صفات الله تعالى كقوله : أشهد بعلم الله . ففي كتاب محمد أنه يجزيه . وعلى أصل أشهب أنه لا يجزيه لأنه قال إذا حلف في الأموال قال : والله ، ولم يزد . أو قال : والذي لا إله إلا هو ، لم يجزه . والحالف بالذي لا إله إلا هو حالف بالذات ، فإذا لم يجزه اليمين عنده به لم تجزه اليمين بالصفة . والذي يأتي على أصل أشهب أليق بظاهر الآية لأنه تعالى إنما ذكر أن الشهادة في ذلك إنما هي بالله . واختلف أيضا إذا قال : أشهد بالرحمن أو باسم من أسماء الله تعالى ما عدا اسم الجلالة . ففي شرح الرسالة أن النظر يقتضي أنه لا يجوز إلا ما نص عليه ، وهذا خلاف لقول مالك لأنه أجاز اللعان بالصفة فأحرى أن تجوز بالأسماء وهو المراد بالقرآن أن يحلف به ، وليس بمقصور على هذا الاسم الله . وقد قال عليه الصلاة والسلام :
" من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " {[9994]} ولا اختلاف في أن الحالف بالرحمن حالف بما يجوز له وداخل فيما أباح النبي صلى الله عليه وسلم الحلف به . واختلف إذا قال : أقسم ولم يقل أشهد . ففي شرح الرسالة ذلك أن النظر يقتضي أن لا يجوز إلا ما نص عليه في ذلك . والظاهر قول مالك أنه يجوز وأنه المراد بالقرآن لأن الحكم إنما هو للمعاني لا للألفاظ {[9995]} .
– قوله تعالى : { إنه لمن الصادقين } :
اختلف إذا لم يقله الحالف ، فأجاز ابن القاسم أن لا يثبته الحالف في لعانه وأثبته في كتاب محمد ، وهو أحسن لورود القرآن به . وفي البخاري قال : أمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يلاعنا بما في القرآن {[9996]} . واختلف إذا جعل مكان : إني لمن الصادقين ، ما كذبت عليها أو مكان اللعنة الغضب أو مكان الغضب اللعنة . فعلى ما في كتاب محمد يجزيه ، وعلى ما حكى عبد الوهاب لا يجزيه لمخالفته القرآن . والأول أظهر لمراعاة المعاني . واختلف إذا كان اللعان على رؤية هل يلزمه أن يقول بعد قوله إني لمن الصادقين لرأيتها تزني زنا كالمرود في المكحلة ، أم له أن يقتصر على قوله لرأيتها تزني . فالمشهور جواز الاختصار على لرأيتها تزني . وقال في كتاب محمد يقول كما يقول الشهود ويوقف على ذلك . وقال أصبغ يقول ذلك كل مرة . ووجه هذا القول أن الله تعالى قد سماها شهادة فيجب أن يقول كما يقول الشهود . وهذا الذي ذكرناه بقوله الملاعن عن أربع مرات كما جاء في الآية فإن أتى بدون أربع شهادات لم تقع الفرقة وإن حكم بها الحاكم خلافا لأبي حنيفة في قوله {[9997]} إن أتى بثلاث وقعت الفرقة إن حكم بها الحاكم . ودليل القول الأول قوله تعالى : { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } الآية ثم يقول في الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين وقد مر ذكر الخلاف في وضع الغضب موضع اللعنة أو اللعنة موضع الغضب فلا معنى لإعادته . وتقول المرأة أربع مرات أيضا مثل ما قال الرجل إلا في موضعين : أحدهما : أنها تقول في موضع : إني لمن الصادقين ، إنه لمن الكاذبين ، وفي الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين . وتقول في نفي الزنا : ما رآني أزني وليس عليها أن تزيد كالمرود في المكحلة . واختلف في نفي الحمل كيف يكون بعد الشهادة ، فالمشهور أنه يقول لزنت وتقول هي ما زنيت ، وفي كتاب محمد : ما هذا الحمل مني . وعلى هذا تقول هي أنه لمنه . وقال ابن شعبان : قال بعض أصحابنا وتقول إني استبرئت . واختلف في الموضع الذي يلتعن فيه فقالوا في المسجد وعند الإمام . وقال عبد الملك في المسجد أو عند الإمام – يريد أيهما كان – وهذا أظهر على لفظ الآية لعدم التخصيص فيها . واختلف أيضا في الوقت فقال ابن القاسم بمحضر الناس دبر كل صلاة . وفي كتاب محمد أي ساعة شاء الإمام من النهار وعلى إثر المكتوبة أحب إلي . وروي ابن وهب عن مالك أنه قال : كان عندنا بعد العصر وأي ساعة شاء الإمام لاعن ، وبعد العصر أحب إلي . وقال ابن شعبان بعد الصبح أو بعد العصر {[9998]} والأظهر في هذا كله على لفظ الآية نفي التحديد لأن الآية ليس فيها تخصيص وقت إلا أن كونه دبر الصلوات أحسن لقول الله سبحانه : { تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله } وأما تخصيص دبر صلاة {[9999]} العصر {[10000]} منها فلقوله تعالى : { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } فأخرج البخاري ومسلم أنها نزلت فيمن حلف بعد العصر لقد أعطى فيها ما لم يعط . واختلف إذا بدأت المرأة باللعان قبل الرجل هل يجزيها أم لا ؟ فقال ابن القاسم في كتاب محمد يجزيها ، وهو قول أبي حنيفة . وقال أشهب تعيد الأيمان بعد لعان الرجل ولا يجزيها ذلك . وحجته قوله تعالى : { ويدرؤوا عنها العذاب . . . } الآية وهذا يقتضي أن يكون لعانها بعد أن يحق عليها بلعان الزوج العذاب حتى تدرأه . واختلف في اللعان هل يلزم أن يكون بإذن الإمام أم يجوز أن يكون بغير إذنه ؟ فالذي عليه الجمهور أنه لا يكون إلا بإذن الإمام ، خلافا لقوم ؟ ومن حجة المشهور أن الله تعالى قد سمى التلاعن شهادة ، والشهادة لا تكون إلا عند الإمام . واختلف إذا نكل أحد الزوجين عن اللعان ، ففي المذهب أن على الناكل حد القذف إن كان الزوج ، وحد الزنا إن كانت المرأة الناكلة . وذهب أهل العراق إلى أنهما إذا نكل أحدهما لم يحد وحبس حتى يلاعن ، ويرد هذا قوله تعالى : { ويدرؤوا عنها العذاب } يريد حد الزنا . وتأول بعضهم أن العذاب هو السجن لقوله تعالى : { إلا أن يسجن أو عذاب أليم } ولم يعرف ما احتج به لأن العذاب الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية هو غير السجن ، وما قاله أهل العراق في هذه المسألة يخالف قولهم {[10001]} في النكول عن اليمين في القذف {[10002]} . وقولهم إنه يقضي به دون يمين من {[10003]} الطالب وأنه كالإقرار والزوج قد تقدمت إيمانه على ما ادعى ثم لا يحكمون على المرأة بنكولها ، وقد أنزل فيها من القرآن ما أنزل . واختلف في وقوع الفرقة باللعان ، فقيل هو فسخ يقع بتمام اللعان وإن لم يفرق بينهما الإمام ، وهذا هو المشهور في المذهب . ولابن نافع أنه يستحب للملاعن أن يطلق ثلاثا عند الفراغ من اللعان من غير أن يأمره الإمام بذلك كما فعل عويمر ، فإن لم يفعل أغنى عن ذلك ما مضى من سنة المسلمين أنهما لا يتناكحان أبدا ، وذهب ابن لبابة إلى أنه إن لم يطلق طلق عليه الإمام ثلاثا ولم يمنعه من مراجعتها بعد زواج ، وقال إنه ظاهر الحديث فلا يعدل عنه . وقيل فراق اللعان ثلاث تطليقات وتحل له بعد زوج{[10004]} وذكر بعضهم هذا القول ولست منه على يقين . وقيل إن الفرقة لا تقع بينهما إلا بحكم الإمام فإذا كان ذلك فلا تحل له أبدا حتى يكذب نفسه ، فإن كذب نفسه جلد الحد وكان خاطبا من الخطاب وهو قول أبي حنيفة . وقال الشافعي إن الفرقة تقع بتمام لعان الزوج ولا تدخل له أبدا وزعم أنه قال ذلك من قبل أن الفراق إنما يكون من الرجال . وقيل إن أكذب نفسه جلد الحد وردت إليه امرأته . وقيل اللعان تطليقة بائنة وهو قول عبد الله بن حسن . وقيل اللعان لا يقع به فراق وإنما يسقط به النسب والحد وهما على الزوجية كما كانا ، وهو قول عثمان البتي وطائفة من أهل البصرة أخذوا ذلك عنه ، وذكره اللخمي عن محمد بن أبي صفرة {[10005]} ومن حجتهم ظاهر الآية إذ {[10006]} ليس فيها ذكر فراق . وهذا القول أضعف الأقوال لما جاء في ذلك من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس في ذلك ما يعارض القرآن . والجمع بين القرآن والحديث ما أمكن أولى من الأخذ بأحدهما والإطراح للآخر . وقال إسماعيل القاضي إنما وقت الفرقة بتمام اللعان من أجل أن الغضب واللعنة قد حقت على أحدهما ، واللعن للكفار ، فهما{[10007]} وإن لم يكونا {[10008]} بذلك كافرين ولا أحدهما وهو كاذب وهي كاذبة فقد حقت اللعنة ، فلا يجوز أن تكون مسلمة تحت ملعون ولا ملعونة تحت مسلم إذا وقع التشبيه بين الكافر وبين الملاعن باللعن قال الله عز وجل : { ألا لعنة الله على الظالمين } [ هود : 18 ] الظالمون هنا الكافرون ، قال ذلك ترجمان القرآن ابن عباس . واختلف هل ينتفي الولد بغير لعان أم لا على قولين مرويين عن مالك ، فمنع مالك نفيه بغير لعان في أحد قوليه لعموم الآية {[10009]} .