والآية التّالية: تقول: إنّ هؤلاء حقيقون بعذاب الله ( وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام ) .
وهذا التعبير في الآية يشير إِلى يوم كان المسلمون في مكّة ،ولم يكن لهم الحق أن يقيموا صلاة الجماعة بتمام الحرية ،والاطمئنان عند المسجد الحرام ،إذ كانوا يتعرضون للإيذاء والتعذيب .
أو أنّ هذا التعبير يشير إِلى منع المشركين المسلمين وصدهم إياهم بعد أدائهم مناسك الحج والعمرة ،فلم يأذنوا لهم بالتردد إِلى المسجد الحرام .
والعجيب أنّ هؤلاء المشركين كانوا يتصورون أنّ لهم حق التصرف كيفَما شاءوا في المسجد الحرام ،وأنّهم أولياؤه .إلاّ أنّ القرآن يضيف في هذه الآية قائلا: ( وما كانوا أولياءه ) وبالرغم من زعمهم أنّهم أولياؤه ف( إن أولياؤه إلاّ المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون ) .
ومع أنّ هذا الحكم ورد في شأن المسجد الحرام ،إلاّ أنّه يشمل جميع المراكز الدينية والمساجد فإنّ سدنتها ينبغي أن يكونوا من أطهر الناس وأتقاهم وأورعهم وأكثرهم اهتماما بالمحافظة على مراكز العبادة ،ليجعلوها منطلقاً للتعليم وبثّ الوعي والإِيقاظ .إذ لا يصلح لإدارة هذه المراكز حفنةٌ من الحمقى أو باعة الضمائر الملوّثين والمرتبطين بالأجانب ،الذين يسعون إِلى تحويل المساجد ومراكز العبادة إِلى محال تجارية ،أو جعلها مكاناً لتخدير الأفكار ،والابتعاد عن الحقّ .وفي اعتقادنا أنّ المسلمين لو كانوا ملتزمين بتعاليم القرآن في شأن المساجد ،لكانت المجتمعات الإِسلامية اليوم لها وجه آخر وصورةٌ مشرقةٌ !