المفردات:
وفي الأرض قطع متجاورات: أراضي يجاور بعضها بعضا مع اختلاف طبيعة كل قطعة ولونها فهذه طيبة ،وهذه سبخة مالحة ،وهذه تربة حمراء ،وهذه بيضاء ،وهذه صفراء ،وهذه سوداء ،وهذه محجرة ،وهذه سهلة ،وهذه سميكة وهذه رقيقة .
صنوان وغير صنوان: من النبات ما له أصول مجتمعة في منبت واحد كالرمان والتين وهو الصنوان أي: ما له عودان أو أكثر في أصل واحد ،وغير صنوان ما كان على أصل واحد وعود واحد ،وواحد الصنوان: صنو وفي الصحيح( عم الرجل صنو أبيه ) .
يسقى بماء واحد: من السماء ،ومن شرب واحد .
ونفضل بعضها على بعض في الأكل: فمنها حلو ومنها حامض ومر ،وقيل: هو مثل في بني آدم ،أبوهم واحد ومنهم الصالح والخبيث .
التفسير:
{وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ..} والتربة واحدة ولكن الثمار مختلفات الطعوم .
{ونفضل بعضها على بعض في الأكل} .أي: هذا الاختلاف في أجناس الثمرات والزر وع في أشكالها وألوانها وطعومها وروائحها وأوراقها وأزهارها ؛فهذا في غاية الحلاوة ،وهذا في غاية الحموضة ،وذا في غاية المرارة ،وذا عفص ،وهذا عذب ،وهذا أصفر وهذا أحمر ،وهذا أبيض وكذلك الزهور مع أنها كلها تسقى من طبيعة واحدة وهو الماء ،مع هذا الاختلاف الكثير الذي لا ينحصر ولا ينضبط ؛ففي ذلك آيات لمن كان واعيا{إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} .
إن القرآن بمثل هذه اللفتة يبقى جديدا أبدا ؛لأنه يجدد أحاسيس البشر بالمناظر والمشاهد في الكون النفس وهي لا تنفد ولا يستقصيها إنسان في عمره المحدود ولا تستقصيها البشرية في أجلها الموعود .
قال في الميزان:
ومعنى الآية: أن من الدليل على أن هذا النظام الجاري قام بتدبير مدبر وراءه ،يخضع له الأشياء بطبائعها ،ويجريها على ما يشاء وكيف يشاء ؛أن في الأرض قطعا متجاورات متقاربة بعضها من بعض متشابهة في طبع ترابها وفيها جنات من أعناب ،والعنب من الثمرات التي تختلف اختلافا عظيما في الشكل واللون والطعم والمقدار ،واللطافة والجودة وغير ذلك ،وفيها زرع مختلف في جنسه وصنفه من القمح والشعير وغير ذلك وفيها نخيل صنوان أي: أمثال ثابتة على أصل مشترك فيه .وغير صنوان أي: متفرقة .تسقى الجميع من ماء واحد ،ونفضل بعضها على بعض بما فيه من المزية المطلوبة في شيء من صفاتهiii .