{والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون41 الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون42} .
المفردات:
لنبوئنهم في الدنيا حسنة:أي:لننزلنهم في الدنيا بلدة حسنة ،هي:المدينة ،يقال: بوأه الدار ،يبوئه فيها أنزله بها .
تمهيد:
تعرض المسلمون في مكة لألوان متعددة من العذاب والوعيد ،فهاجروا إلى الحبشة مرتين ،وهاجروا إلى المدينة ،في تضحية بالوطن والأهل والمال ؛فنزلت هذه الآية توضح منزلتهم وجزاءهم .
التفسير:
41{والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} .
أي:والذين فارقوا قومهم وأوطانهم ودورهم ،وذهبوا إلى بلاد أخرى ؛احتسابا لأجر الله وطلبا لمرضاته ،من بعد ما نالهم الأذى والظلم من الكفار ؛هؤلاء سنكافئهم في الدنيا بالمنزلة الحسنة ،حيث أسكنهم الله المدينة ،ونصرهم على العباد ،وفتح لهم البلاد ،وصاروا أمراء حكاما ،وكان كل منهم للمتقين إماما .
{ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} .
أي:إن ثواب الدار الآخرة في الجنة ،أكبر من نعيم الدنيا ،لو كان المهاجرون يعلمون ذلك ؛لازداد يقينهم ،وقوي عزمهم ،وفي هذا تحريض لمن بقي بمكة من المهاجرين ؛حتى يهاجروا .
وقيل:الضمير يعود على مشركي مكة ،أي:لو كانوا يعلمون ثواب الله للمهاجرين ؛لكفوا عن إيذائهم وظلمهم ،ولآمنوا بالله ورسوله .
قال ابن عباس:نزلت هذه الآية في ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،وهم:صهيب ،وبلال ،وعمار ،وخباب ،و عابس ،وجبير ،موالي لقريش ،فجعلوا يعذبونهم ؛ليردّوهم عن الإسلام ،أما صهيب فقال لهم:أنا رجل كبير ، إن كنت لكم لم أنفعكم ،وإن كنت عليكم لم أضركم ،فافتدى منهم نفسه بماله ،وتركوه يهاجر ،فلما رآه أبو بكر قال:ربح البيع يا صهيب28 .وأما سائرهم فقد قالوا بعض ما أراد أهل مكة من كلمة الكفر ،والرجوع عن الإسلام ،فتركوا عذابهم ،ثم هاجروا فنزلت هذه الآية29 .
وعن عمر: أنه كان إذا أعطى رجلا من المهاجرين عطاء قال:خذ بارك الله لك فيه ،هذا ما وعدك الله في الدنيا ،وما ذخر لك في الآخرة أكبر30 .