/م44
المفردات:
من الذين هادوا: هم اليهود .
غير مسمع: يحتمل أن يكون المعنى غير مسمع: مكروها ،و أن يكون غير مقبول منك ولا مجاب إلى ما تدعو إليه .
وراعنا: إما بمعنى: ارقبنا وانظرنا؛نكلمك ،و إما بمعنى: كلمة عبرانية كانوا يتسابون بها ،وهي: ( راعينا )
ليا بألسنتهم أي: فتلا بها و تحريفا .
طعنا في الدين:قدحا فيه .
أقوم: أعدل وأسد .
إلا قليلا: أي: إلا قليلا من الإيمان لا يعبأ به .
التفسير:
46_ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ .
من اليهود فريق يميلون الكلام عن معناه ،ويفسرونه بغير مراد الله تعالى كذبا منهم وفتراء وتضليلا وإنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: سمعنا وعصينا .أي: سمعنا قولك ،وعصينا أمرك وروى عن مجاهد أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ( سمعنا قولك و لكن لا نطيعك ) .وكذالك كانوا يقولون له: اسمع غير مسمع .
أي: اسمع كلامنا لا أسمعك الله ،في الموضع الذي يقول فيه المتأدبون للمخاطبين: اسمع غير مسمع .
أي: لا سمعت مكروها .فاللفظ يسوقونه ومرادهم منه الدعاء عليه ويوهمون أن مرادهم الدعاء له .
ويقولون: راعنا .وهي كلمت تحتمل الخير على معنى: ( انظرنا وتهمل علينا نكلمك ) وتحتمل الشر على معنى: ( راعينا ) أي: اشملنا بالرعونة والحمق ،أو جعله راعيا من رعاة الغنم .
ومن تحريفهم قولهم: ( السام عليكم ) أي: الموت عليكم ،ليا بألسنتهم وطعنا في الدين .أي: صرفا للكلام عن ظاهره إلى إدارة الشتم والسب ،وقدحا في الدين بالاستهزاء والسخرية .
وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ .أي: لو أنهم استقاموا وقالوا: سمعنا و أطعنا .بدل قولهم: سمعنا وعصينا وقالوا: اسمع دون أن يقولوا: غير مسمع ،وقالوا: انظرنا بدل راعنا لكان خيرا لهم ما قالوه ،وأعدل منه سبيلا ولكن الله طردهم من رحمته؛بإعراضهم فلا تجد منهم من يستجيبون لداعى الإيمان إلا عددا قليلا .