المفردات:
لولا: هلا .وهي هنا: للتحضيض .
الربانيون: العلماء العارفون بالله ،يكونون في اليهود وغيرهم .
الأحبار: علماء اليهود ،وقيل: هما في اليهود ؛لأن الحديث ما زال متصلا ببيان شأنهم .
التفسير:
63-لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ .
أي: هلا قام العلماء بالنهي عن التسابق إلى ارتكاب المعاصي والانغماس في الشهوات ؟
السحت: هو المال الحرام كالربا والرشوة ،سمي سحتا من سحته إذا استأصله ؛لأنه مسحوت البركة أي: مقطوعها ، أو لأنه يذهب فضيلة الإنسان ويستأصلها ،واليهود أرغب الناس في المال الحرام وأحرضهم عليه ،والربانيون: جمع رباني وهم العلماء الحكماء البصراء بسياسة الناس وتدبير أمورهم والقيام بمصالحهم .والأحبار: جمع حبر ،وهم علماء اليهود وفقهاؤهم المفسرون لما ورد في التوراة من أقوال وأحكام .
جاء في فتح القدير للشوكاني عند تفسير الآية:
أي: لقد ترك علماؤهم نهيهم عن المنكر الذي يقولونه بألسنتهم ،وما يأكلونه من الحرام والرشا والظلم .
لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ .فبئس الصنيع من علمائهم هذا التهاون في إبقائهم واقعين في الحرم دون إنكار ولا تغيير ،فوبخ سبحانه الخاصة وهم العلماء التاركون للأمر والنهي عن المنكر ،بما هو أغلظ وأشد من توبيخ فاعلى المعاصي ،فهم أشد حالا ،وأعظم وبالا من العصاة ،فرحم الله عالما قام بما أوجبه الله عليه من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر{[280]} .
وقال ابن جرير: كان العلماء يقولون: ما في القران آية أشد توبيخا للعلماء من هذه الآية ،ولا أخوف عليهم منها .
وقال ابن كثير: روى الإمام أن رسول صلى الله عليه وسلم قال:"ما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل بالمعاصي ،وهم أعز منه وأمنع ولم يغيروا ؛إلا أصابهم الله منه بعذاب"{[281]} .
وروى ابن أبي حاتم عن يحيي بن يعمر قال: خطب علي بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه ،ثم قال: أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم ؛بركوبهم المعاصي ،ولم ينههم الربانيون والأحبار فلما تمادوا ؛أخذتهم العقوبات ؛فمروا بالمعروف ،وانهوا عن المنكر قبل أن ينزل بكم مثل الذي نزل بهم ،واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقطع رزقا ولا يقرب أجلا{[282]}".
وجاء في تفسير القرطبي للآية:
روى سفيان بن عيينة قال: حدثني سفيان بن سعيد عن مسعر قال: بلغني ان ملكا أمر أن يخسف بقرية فقال: يا رب ،فيها فلان العابد ،فأوحى الله إليه:"أن به فابدأ فإنه لم يتعمر{[283]}وجهه في ساعة قط "{[284]} .
وفي صحيح الترمذي"إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه ؛أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده"{[285]} .