التفسير:
وربك الغني ذو الرحمة ....الآية .
أي: هو سبحانه مستغن عن خلقه لا يحتاج إليهم ولا إلى عبادتهم ،لا ينفعه إيمانهم ولا يضره كفرهم ،ومع كونه غنيا عنهم ،فهو ذو رحمة بهم ،والرحمة بهم مع كمال الغنى عنهم ،هو غاية الكرم والفضل .
أخرج الإمام مسلم في صحيحه حديثا قدسيا رواه أبو ذر جاء فيه:
(..يا عبادي ،إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ،ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ..يا عبادي ،لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ،كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ،ما زاد ذلك في ملكي شيئا ..يا عبادي ،لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ،كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ،ما نقص ذلك من ملكي شيئا ،يا عبادي ،لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ،اجتمعوا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كلا مسألته ،ما نقص ذلك من ملكي شيئا ..) الحديث( 6 ) .
قال الألوسي: وفي هذه الآية تنبيه على أن ما سبق ذكره من إرسال الرسل ليس لنفعه ،بل رحمة منه بالعباد .
إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء .
أي: إن يشأ يهلككم أيها العباد العصاة ،فيستأصلكم بالعذاب ،ويأتي بخلف لكم من بعدكم أطوع منكم ،فهو سبحانه قادر على دلك .
قال تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد * إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد * وما ذلك على الله بعزيز .( فاطر: 15 – 17 ) .
كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين .
أي: مثلما أنشأكم من نسل قوم آخرين ،لم يكونوا على مثل صفتكم ،وهم أهل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام .