المفردات:
بينة: حجة .
يقص الحق: يتبع الحكمة .
التفسير:
54- قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ...الآية .و المعنى قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يريدون منك اتباع أهوائهم كيف يتأتى لي ذلك وأنا على شريعة واضحة وملة صحيحة ،لا يعتريها شك ولا يخالطها زيغ لأنها كائنة من ربي الذي لا يضل ولا ينسى .
والتنوين في كلمة بينة للتفخيم والتعظيم ،وهي صفة لموصوف محذوف ،أي على حجة بينة واضحة محقة للحق ومبطلة للباطل فأنا لن أتزحزح عنها أبدا .
وفي هذا تعريض بالمشركين بأنهم ليسوا على بصيرة من أمرهم ،وإنما هم قد تبعوا ما وجدوا عليه آباءهم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير .
ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين .أي ليس في مقدوري أن أنزل بكم ما تستعجلون من العذاب ،وإنما ذلك مرجعه إلى الله وحده ،فهو وحده الذي يقص الحق ويخبر به ،وهو وحده الذي يفصل في قضايا خلقه ،وهو خير الفاصلين في شؤون عباده ،وهو يرى الحكمة في إمهالكم فأمهلكم .
( وبذلك يجرد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم – نفسه من ان تكون له قدرة ،أو تدخل في شأن القضاء الذي ينزله الله بعباده ،فهذا من شأن الألوهية وحدها وخصائصها ،وهو بشر يوحى إليه ليبلغ وينذر ،لا لينزل قضاء ويفصل ،وكما ان الله سبحانه هو الذي يقص الحق ويخبر به ،فهو كذلك الذي يقضي في الأمر ويفصل فيه ..وليس بعد هذا تنزيه وتجريد لذات الله سبحانه وتعالى وخصائصه ،عن ذوات العبيد ) ( 92 ) .