/م58
{ ولما جاء أمرنا} عذابنا أو وقته{ نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا} أي برحمة من لدنا خاصة بهم مخالفة للعادة في أسباب النجاة من العذاب العارض الذي يصيب بعض الناس دون بعض وهي التي أشير إليها في قول نوح لولده{ لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} [ هود:43]{ ونجيناهم من عذاب غليظ} أعاد فعل التنجية للفصل بين [ منا] التي هي صفة الرحمة وبين [ من] الداخلة على العذاب ، أي وإنما نجيناهم من عذاب غليظ شديد الغلظة فظيع شديد الفظاعة غير معهود في العالم ، وهو ما عبر عنه بالريح العقيم ، التي لا تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ، وبقوله:{ إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر} [ القمر:19 ، 20] وقوله في وصف هذه الريح العاتية{ فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية} [ الحاقة:7 ، 8] .