قوله تعالى:{قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ...} [ هود: 13] .
أي مثله في الفصاحة والبلاغة ،وإلا فما يأتون به مفترى ،والقرآن ليس بمفترى .
أو معناه: عشر سور مفتريات ،كما أن القرآن –في زعمكم- مفترى!!
فإن قلتَ: كيف أفرد في قوله"قل "ثم جمع في قوله:{فإن لم يستجيبوا لكم} ؟({[285]} ) [ هود: 14] .
قلتُ: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فيهما ،لكنه جمع في"لكم "تعظيما ،وتفخيما له صلى الله عليه وسلم ،ويعضُده قوله في سورة القصص:{فإن لم يستجيبوا لك} [ القصص: 50] .
أو الخطاب في الثاني للمشركين ،وفي"يستجيبوا "ل"من استطعتم "والمعنى: فأتوا أيها المشركون بعشر سور مثله ،إلى آخره ،فإن لم يستجب لكم من تدعونه ،إلى المظاهرة على معارضته لعجزهم «فاعلموا أنما أُنزل بعلم الله » وبالنظر إلى هذا الجواب ،جُمع الضمير في{فإن لم يستجيبوا لكم} هنا ،وأفرد في القصص .
فإن قلتَ: قال في سورة يونس{فأتوا بسورة مثله} وقد عجزوا عنه ،فكيف قال هنا:{فأتوا بعشر سور مثله} ؟ !
قلتُ: قيل: نزلت سورة هود أولا ،لكن أنكره المبرد وقال: بل سورة يونس أولا ،قال: ومعنى قوله في سورة يونس{فأتوا بسورة مثله} [ يونس: 38] أي في الإخبار عن الغيب ،والأحكام ،والوعد والوعيد ،فعجزوا ،فقال لهم في سورة هود: إن عجزتم عن ذلك ،فأتوا بعشر سور مثله في البلاغة ،لا في غيره مما ذكر ،وما قاله هو المتّجه .
وهذا وتحرير الأول ،مع زيادة أن يقال: إن الإعجاز وقع أولا بالتحدّي بكل القرآن في آية{قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ} [ الإسراء: 88] فلما عجزوا تحدّاهم –بعشر سور ،فلما عجزوا تحدّاهم بسورة ،فلما عجزوا تحدّاهم({[286]} ) – بدونها بقوله:{فليأتوا بحديث مثله} [ الطور: 34] .