قوله تعالى:{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [ البقرة: 286] .
{لَهَا مَا كَسَبَتْ} أي في الخير{وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} أي في الشّر .
فإن قلتَ: ما الدليل على أن الأول في الخير ،والثاني في الشرّ ؟
قلتُ:"اللام "في الأول و "على "في الثاني ،لأنهما يستعملان في ذلك عند تقارنهما كما في هذه الآية ،وكما في قوله:{عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [ فصلت: 46] .
وقولهم: الدّهر يومان: يوم لك ،ويوم عليك .
وقول الشاعر:
على أنني راض بأن أحمل الهوىوأخلُص منه لا علَيَّ ولا لِيَا
فإن قلتَ: لم خصّ الكسب بالخير ،والاكتساب بالشر ؟
قلتُ: لأن الاكتساب فيه أعمال ،والشر تشتهيه النفس وتنجذب ،فكانت أجدّ في تحصيله ،بخلاف الخير ،ولأن في ذلك إشارة إلى إكرامه تعالى وتفضّله على الخلق ،حيث أثابهم على فعل الخير من غير جدّ واعتمال ،ولم يؤاخذهم على فعل الشر إلا بالجد والاعتمال .