قوله تعالى:{قال ربّ السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين} [ الشعراء: 24] .
إن قلتَ: كيف علّق كونه ربّ السموات والأرض ،بكون فرعون وقومه كانوا موقنين ،مع أن هذا الشرط منتف ،والرّبوبية ثابتة ؟ !
قلتُ: معناه إن كنتم موقنين أن السموات والأرض موجودات ،وهذا الشرط موجودا ،و "إن "نافية لا شرطية({[463]} ) .
فإن قلتَ: ذكر السموات والأرض مستوعب جميع المخلوقات ،فما فائدة قوله:{ربّكم وربّ آبائكم الأوّلين} [ الشعراء: 26] ؟وقوله:{ربّ المشرق والمغرب} [ الشعراء: 28] ؟ !
قلتُ: فائدتهما تمييزهما في الاستدلال على وجود الصّانع .
أما الأول: فإن أقرب ما للإنسان نفسُه ،وما يشاهده من تغييراته ،وانتقاله من ابتداء ولادته .
وأما الثاني: فلما تضمّنه ذكر المشرق والمغرب وما بينهما ،من بديع الحكمة في تصريف الليل والنهار ،وتغيير الفصول بطلوع الشمس من المشرق ،وغروبها في المغرب ،على تقدير مستقيم في فصول السنة .
فإن قلتَ: لم قال أوّلا{إن كنتم موقنين} [ الشعراء: 24] وثانيا{إن كنتم تعقلون} [ الشعراء: 28] ؟
قلتُ: لاطفهم أولا بقوله:{إن كنتم موقنين} فلما رأى عنادهم ،خاشَنَهم بقوله:{إن كنتم تعقلون} وعارض به قول فرعون{إنّ رسولكم الذي أُرسل إليكم لمجنون} [ الشعراء: 27] .