قوله تعالى:{الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين} [ الشعراء: 78-81] .
زاد"هو "عقِب الذي في الإطعام والسقي ،لأنهما مما يصدران من الإنسان عادة ،فيُقال: زيد يطعم ويسقي ،فذكر"هو "تأكيدا ،إعلاما بأن ذلك منه تعالى ،لا من غيره ،بخلاف الخلْق ،والموت ،والحياة ،لا تصدر من غير الله ..ويجوز في"الذي خلقني "النصب ،نعتا لربّ العالمين ،أو بدلا ،أو عطف بيان ،أو بإضمار أعني ..والرفع خبرا لضمير"الذي "أو مبتدأ خبره الجملة بعده ،ودخلت عليه الفاء على مذهب الأخفش ،من جواز دخولها على خبر المبتدأ ،نحو: زيد فاضربه ،وقيل: دخلت عليه لما تضمّنه المبتدأ من معنى الشرط ،لكونه موصولا ،ورُدّ بأن الموصول هنا معيّن لا عامّ .
وقوله:{وإذا مرضت} لم يقل: أمرضني ،كما قال قبله:"خلقني ،ويهدين "لأنه كان في معرض الثناء على الله تعالى ،وتعداد نعمه ،فأضاف ذَيْنِكَ إليه تعالى ،ثم أضاف المرض إلى نفسه ،تأدبا مع الله تعالى ،كما في قول الخضر{فأردت أن أعيبها} [ الكهف: 79] وإنما أضاف الموت إلى الله تعالى ،في قوله:{والذي يُميتني} لكونه سببا للقائه ،الذي هو من أعظم النّعم .