قال تعالى : { لِلرِّجالِ نَصيِبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ والأقْرَبُونَ } إلى قوله { نَصيباً مَفْرُوضاً } [ 7 ] : لا شك في كونه مجملاً في بيان المقدار ، غير أن الذين لا يحجبون شخصاً بشخص في بعض الأحوال ، مثل الأخ بالجد عند قوم ، والذين يورثون بالرحم ، يحتجون بعموم هذه الآية ويقولون : إن ما فيها من الإجمال في المقدار ، لا يمنع الاحتجاج بعمومها في حق الأقارب ، وهو عندهم مثل قوله تعالى : { خُذْ مِنْ أمْوالهِمْ صَدَقَةً تُطَهُّرُهُم{[708]} } ، وأنه يحتج به في غير موضع الإجمال ، وهو إبانة أصل الأمر بحسن الفعل ، وهذا بيّن .
فيقال في حق العمة مثلاً والخالة والخال : إن لهم نصيباً مما ترك الأقربون ، وإنهم في هذا المعنى يقدمون على الأجانب .
نعم ذكر قتادة أن الآية وردت على سبب ، وهو أن أهل الجاهلية كانوا يورثون الذكور دون الإناث ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وذلك لا يمنع التعلق بعموم الآية ، لإمكان أنهم كانوا يورثون الذكور من ذوي الأرحام وغيرهم من الأقارب ، فأبطل الله تعالى ما كانوا عليه في الجاهلية وهذا مما يعترفون بكونه عاماً .
وفيه دلالة على جعل القرابة مطلقة للميراث ، إلا أنه لم يجعل لهم إلا النصيب المفروض لا المال المطلق ، وليس في الآية ذلك النصيب المفروض ، نعم في الآية نصيب مجمل لا جرم يفهم منه أن لهم نصيباً مجملاً .