قوله تعالى : { يَا أَيهَا الّذيِنَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدّ مِنْكُم عَنْ دِينِه فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُم ويُحِبُّونَه } الآية [ 54 ] : فيه دلالة على صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، لأن الذين ارتدوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قاتلهم أبو بكر{[1204]} وهؤلاء الصحابة ، وقد أخبر الله تعالى أنه يحبهم ويحبونه ، وأنهم يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ، ومعلوم أن من كانت هذه صفته فهو ولي الله تعالى .
ولم يقاتل المرتدين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى هؤلاء الأئمة ، فإنه لم يأت بقوم آخرين يقاتلون المرتدين المذكورين في الآية ، غير هؤلاء الذين قاتلوا مع أبي بكر ، ومثله في دلالته على صحة إمامة أبي بكر .
قوله تعالى : { قُلْ لِلمُخَلّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إلَى قَوْمٍ أولي بَأسٍ شَديدٍ }{[1205]} الآية : فإن قيل : يجوز أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي دعاهم ، قلنا : قال الله تعالى لرسوله : { فَقُلْ لَنْ تَخرُجُوا معِي أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعي عَدُوّاً{[1206]} } .
ولا يجوز أن يكون المراد به علياً ، لأن الله تعالى قال : تقاتلونهم أو يسلمون ، وعلي ما حارب قوماً في أيامه على أن يسلموا ، ولم يحارب أحد بعد النبي عليه الصلاة والسلام على أن يسلموا غير أبي بكر ، فدلت الآية على صحة إمامته{[1207]} .