قوله تعالى : { إنّمَا النّسيءُ زِيَادَةٌ في الكُفْرِ } ، الآية :[ 37 ] :
هو متعلق بما تقدم ، وهو أن العرب كانت تجعل المحرم صفر وصفر المحرم في بعض السنين ، على ما كانت تقضيه الكبسة التي كانت لهم ، وأول من وضع ذلك من العرب ملك لهم يقال له القَلَمّس{[1424]} ، واسمه حذيفة ، وهو أول من أنسأ النسيء ، أنسأ المحرم ، فكان يحله عاماً ويحرمه عاماً ، فكان إذا حرمه كان ثلاثاً حرماً متواليات ، وهي التي يقال ثلاثة سرد ، وهي العدة التي حرم الله تعالى في عهد إبراهيم ، فإذا أحله دخل مكانه صفر في المحرم لتواطيء العدة ، يقول قد أكملت الأربعة كما كانت ، لأني لم أحل شهراً إلا وقد حرمت مكانه شهراً ، لكنه ليس مسروراً ، فحج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد عاد المحرم إلى ما كان في الأصل ، فأنزل الله تعالى : { إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ } ، فأخبر الله تعالى أن النسيء الذي كانوا يفعلونه كفر ، وأن الأشهر الحرم الثلاثة لا بد أن تكون متوالية ، وأن صفر لا يقام مقامها ، فهذا معنى هذه الآية .
وقال قائلون في معنى هذه الآية إن روماً من بني كنانة وغيرها ، كانوا يؤخرون الحج عن وقته في كل سنة شهراً ، فيوقعونه في المحرم بعد ذي الحجة ، وفي السنة الثانية في صفر ، فبين الله تعالى أن هذا الصنيع كفر .