27 – قوله تعالى : { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } الآية |البقرة : 27| .
اختلف في تعيين العهد المذكور فقيل : هو ما أخذ على بني آدم حين أخرجهم من ظهر أبيهم كالذر ، وقيل : هو ما أخذه الله تعالى على الناس بوساطة{[59]} الرسل من التوحيد و العبادة . وقيل : ما أخذه الله تعالى على أهل الكتاب من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : هو ما نصبه الله تعالى من الأدلة على توحيده ، فهي كالعهد . وقيل : هي فيمن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم كفر به{[60]} .
و النظر في هذه الآية أن لا يخص العهد فيها بشيء دون شيء ، وتحمل على إطلاقه في كل عهد إلا ما خصصه الشرع بإجازة نقضه ، كالحنث في اليمين بالله ، لان الأيمان و النذور من العهود . واختلف في العهد هل يكون يمينا أم لا ؟
27 – وقوله تعالى : { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } |البقرة : 27| .
اختلف فيه ، فقيل : أراد صلة الرحم ، وقيل : أراد الدين و العبادة وإقامة الشرائع . و النظر أن تحمل الآية على كل ما جاء في الشرع الأمر بصلته ، كصلة الرحم ، وإتمام عبادة يدخل فيها الإنسان ونحو ذلك{[61]} . وقد اختلف فيمن دخل في عبادة تطوع كصوم ، وصلاة ونحو ذلك هل له أن يقطع ذلك أم لا{[62]} ؟
27 – وقوله تعالى : { ويفسدون في الأرض } |البقرة : 27| .
وجوه الفساد لا تنحصر ، وقد فسرت الشريعة ما هو فساد مما ليس بفساد . ويؤخذ من هذه الآية أن من نقض عهدا ، أو قطع ما أمر الله أن يوصل أو أفسد في الأرض أنه يطلق عليه اسم الفسق . وأصله الخروج من الشيء ، يقال : فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها ، وفسقت الفأرة إذا خرجت من جحرها ، كذا هو في اللغة{[63]} ، وهو في الشرع الخروج من الطاعة إما إلى كفر وإما إلى عصيان .