2 - قوله تعالى : { وآتوا اليتامى أموالهم } إلى قوله : { وإن خفتم } الآية :
روي عن الحسن أنه قال : لما نزلت هذه الآية كرهوا أن يخالطوهم فجعلوا يعزلون مال اليتيم من أموالهم فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل ما يدخل على الأيتام من فساد أموالهم ، فأنزل الله تعالى : { ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم } [ البقرة : 220 ] الآية{[2623]} .
فمعنى قوله : { وآتوا اليتامى أموالهم } ، أي : آتوا اليتامى الذين لم يبلغوا أموالهم للأكل والشرب واللباس والسكنى ، فالآية على هذا يحتمل أن تكون مبنية ، ويحتمل أن يقال فيها أنها ناسخة . ويجوز أن يكون قوله تعالى : { وآتوا اليتامى أموالهم } يعني به البالغ وسماه يتيما لقرب عهده بالبلوغ ، والظاهر منه{[2624]} أنهم يؤتون أموالهم بمعنى التسليط عليها ، لا بمعنى الإطعام والكسوة ونهى الولي عن إمساك ماله بعد البلوغ عنه ، ولذلك لم يشترط الرشد هنا واشترط إيناس{[2625]} الرشد والابتلاء في قوله : " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح " [ النساء : 6 ] الآية ، فكان ذلك مطلقا وهذا مقيد . وذكر الرازي في أحكام القرآن أنه لما{[2626]} لم يقيد بالرشد في موضع وقيد في موضع وجب استعمالهما والجمع بينهما فأقول : إذا بلغ خمسا وعشرين سنة ، وهو سفيه لم يؤنس منه الرشد وجب دفع المال إليه ، وإن كان دون ذلك لم يجب عملا بالآيتين . وهذا في{[2627]} غاية البعد ؛ لأن اليتيم إنما يطلق عليه قبل البلوغ حقيقة وقرب العهد بالبلوغ مجازا ، فأما أن يقال : أنه يتناول ابن خمس وعشرين سنة فصاعدا إلى مائة فهو جهل عظيم . والعجب أن{[2628]} أبا حنيفة إنما أطلقه من الحجر{[2629]} لأنه قد بلغ رشده وصار يصلح أن يكون جدا ، فإذا صار يصلح أن يكون جدا فكيف يصح إعطاؤه المال بعلة اليتم أو باسم{[2630]} اليتيم ، وهل ذلك إلا في غاية البعد .
قوله تعالى : / { ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب } :
قال مجاهد وأبو صالح : أي لا تبدلوا الحرام بالحلال .
وقال ابن المسيب والزهري وغيرهما : لا تعطوهم زيوفا بجياد ولا مهزولا بسمين .
وقوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } :
قيل معناه لا تخلطوا أموالهم إلى أموالكم لتأكلوا الجميع ، يروى{[2631]} عن مجاهد وغيره . وقال الحسن : هي منسوخة بقوله{[2632]} : { وإن تخالطوهم فإخوانكم } [ البقرة : 220 ] ، وقد تقدم{[2633]} . وقيل{[2634]} : المعنى لا تربح على يتيمك في{[2635]} شيء تهواه{[2636]} عندك وهو جاهل به . و { إلى } على بابها . والمعنى : لا تضموها في الأكل إلى أموالكم ، وقيل : هي بمعنى " مع " .