المفردات:
الملأ: الأشراف والزعماء ؛يملؤون العيون مهابة .
إلا بشرا مثلنا: لا فضل لك علينا ،ولا مزية لك علينا تخصك بالنبوة ووجوب الطاعة .
أراذلنا: أخساؤنا جمع أرذل ،وهو بمعنى: الرذل والرذيل .أي: الرديء الدون ،يقال: رذل يرذل ورذل رذالة ،كان رذيلا .
بادي الرأي: أي: ابتداء من غير تفكير ،من البدو وهو أول الرأي .
وما نرى لكم علينا من فضل: أي: زيادة تؤهلكم للنبوة واستحقاق المتابعة .
التفسير:
27{فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا…} الآية .
الملأ: أشراف الناس وأغنياؤهم ،وهم عادة من طبقة متميزة ناعمة ،قد اطمأنت إلى وضعها ،ورضيت بما هي فيه من غنى ووجاهة ومنزلة ،وكرهت أصحاب الدعوات والرسالات ،فالرسل دعاة حق وإخلاص ،تتضمن دعوتهم توحيد الله ،وكرامة الإنسان ،فالناس جميعا سواسية أفضلهم عند الله أتقاهم ،فهم هنا يقولون لنوح: إنك بشر مثلنا ،لست ملاكا ،فكيف تتفضل علينا بالرسالة ؟!
{وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} .
نظر الأغنياء والأشراف إلى أتباع نوح ؛فوجدوا أنهم من الفقراء والزراع والصناع والعمال ؛فعيروا نوحا ؛بأن أتباعه من الأراذل والضعفاء والفقراء ،وليسوا من الأشراف والكبراء ،وهؤلاء تقتحمهم العين وتزدريهم لأول وهلة .
{وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} .
الفضل: الزيادة في الشرف والغنى ،وغيرهما مما يتميز به الإنسان عن غيره ،أي: وما نرى لك ولمن اتبعك علينا أي فضل تمتازون به في جماعتكم ،كالقوة والكثرة والعلم والرأي ؛يحملنا على إتباعكم ،والنزول عن جاهنا وامتيازنا عليكم بالجاه والمال لمساواتكم .
{بل نظنكم كاذبين} .أي: نظنكم كاذبين في جملتكم: المتبوع في دعوى النبوة ،والتابعون في تصديقه ،وشبيه بهذه الآية قوله تعالى:{قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} .( الشعراء: 111 ) .
ونلاحظ أن الأغنياء والوجهاء قدموا أربع حجج ؛لرفضهم دعوة نوح عليه السلام:
1أنه بشر مثلهم غير متميز عليهم .
2انه لم يتبعه إلا الفقراء العمال والأراذل في ظاهر الأمر ولأول وهلة .
3ليس لهؤلاء فضل في الطبقة والمكانة الاجتماعية ،أو قوة عصبية ،أو كثرة غالبة ،أو غير ذلك من المزايا التي ترفع الأراذل عن منزلتهم ؛فيهون على الأشراف مساواتهم .
4هم يرجحون أن نوحا وأتباعه كاذبين .