{ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب38} .
المفردات:
لكل أجل كتاب: الأجل: الوقت والمدة ،والكتاب: الحكم المعين الذي يكتب على العباد ؛حسب ما تقتضيه الحكمة .
التفسير:
38{ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ...}الآية .
أرسل الله الرسل من البشر ومن شأن البشر أن يتزوجوا ويولد لهم الولد قال سبحانه:{وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق} . ( الفرقان:20 ) .ومن مقتضى هذه البشرية ؛إتيان الزوجات ،وكفالة الأولاد .
ولم يكن محمد صلى الله عليه وسلم بدعا من الرسل ،فلماذا ينكر عليه اليهود وغيرهم زواج النساء .روى: أن أعداء النبي محمد صلى الله عليه وسلم قالوا:ما نرى لهذا الرجل همة إلا في النساء ،ولو كان رسولا من عند الله حقا ؛ لما اشتغل عن رسالاته بالنساء ؛ فرد الله عليهم بهذه الآية ،حيث قال سبحانه:{ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية} .وفي هذا تذكير بما كان عليه داود وسليمان عليهما السلام ؛حيث كانت لهما زوجات كثيرات وذرية كثيرة ،ولم يقدح ذلك في نبوتهما .
على أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصرت حياته الأولى على زوجة واحدة ،هي: السيدة خديجة ،فلم يتزوج عليها في حياتها ،وحين ماتت كان عمره يناهز الخمسين .
فحياته في مكة كلها ،كانت مع زوجة واحدة هي: السيدة خديجة ،ولما هاجر إلى المدينة حدثت ظروف ودواع ؛اقتضت الإصهار إلى القبائل لمصلحة الإسلام ،فكان من الخير أن تتعدد زوجاته ؛لأهداف متعددة ،وأغراض حكيمة لهذا التعدد ،وكان لزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ،دور رئيس في بيان حياة الرسول الداخلية والخارجية ،وكانت عائشة رضي الله عنها تناقش الصحابة وتستدرك عليهم ،وتشرح وجهة نظرها لهم ،وكذلك بقية أمهات المؤمنين ،فكانت حكمة إلهية في زواجه عليه الصلاة والسلام ؛تحقيقا لمعنى البشرية ،وتأكيدا لهذه القدوة العملية .
وفي الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( أما أنا فأصوم وأفطر ،وأقوم وأرقد ،وآكل اللحم ،وأتزوج النساء ،فمن رغب عن سنتي فليس مني )xl .
{وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله} .
أي: ما صح ولا استقام لرسول من رسل الله ،أن يأتي لقومه بمعجزة إلا بإذن الله ومشيئته وحكمته ،وقد تضمنت الرد على المشركين ،حين اقترحوا على الرسول صلى الله عليه وسلم طائفة من المعجزات مثل: زحزحة جبال مكة ،وتسخير الرياح لهم ،وتفجير ينابيع الأرض ...
{ولكل أجل كتاب} .
لكل وقت من الزمان شرع كتبه الله يناسب حال أهله ،وينتهي بانتهاء الحاجة إلى هذا الشرع ؛لذلك ذكر العلماء: أنه لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان ؛فقد أرسل الله موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام في أزمنة متعددة ،رأى الله سبحانه وجودهم في هذه الأزمنة لا يتقدمون عنها ولا يتأخرون ،وهكذا أعمار الناس وآجالهم ،كلها كتبت في آجال ومدد معينة ،لا تقديم فيها ولا تأخير .
ولكل أمر قضاه الله أجل وموعد لا يتقدم عنه ولا يتأخر ،ولكل وقت من الأوقات كتاب .أي: حكم معين يكتب على الناس حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية .