المفردات:
أم القرى: مكة سميت بذلك لأنها قبلة أهل القرى ومحجهم وأعظم القرى شأنا .وقيل: لأنها مكان أول بيت وضع للناس .
التفسير:
92- وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها ...الآية .
أي كثير الفوائد لاشتماله على منافع الدين والدنيا .
فقد اشتمل القرآن على أشرف العلوم وأكملها وهي معرفة ذات الله وصفاته وأفعاله وأحكامه وأسمائه كما اشتمل على بيان السبيل إلى طهارة الأخلاق وتزكية النفس ؛وتشريع العبادات والمعاملات كما يقول الإمام الرازي في تفسيره .ثم قد جرت سنة الله بأن الباحث في القرآن والمتمسك به يجعل له عز الدنيا وسعادة الآخرة .
مصدق الذي بين يديه .موافق للكتب التي سبقته في التوحيد وفي تنزيه الله ،وفي أصول العقائد ،.
ولتنذر أم القرى ومن حولها .
أي ولتنذر بهذا الكتاب أم القرى: مكة ومن حولها: من أطراف الأرض شرقا وغربا لعموم بعثته - صلى الله عليه وآله وسلم – قال تعالى: وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه .( الشورى: 7 ) .
وسميت بأم القرى لأنها مكان أول بيت وضع للناس ،ولأنها أهل القرى كلها ومكان حجهم ،ولأنها أعظم القرى شأنا وغيرها كالتبع لها ،كما يتبع الفرع الأصل .
وقد ثبت عموم بعثته صلى الله عليه وآله وسلم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة .
قال تعالى: وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ...الآية .( سبأ: 28 ) .
وروى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي:
1- نصرت بالرعب مسيرة شهر .
2- وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا .
3- وأحلت لي الغنائم .
4- وأعطيت الشفاعة .
5- وأرسل كل نبي إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة .
وقد أجمعت الأمة الإسلامية على عموم رسالته صلى الله عليه وآله وسلم .
قال السيد رشيد رضا في تفسير المنار: ( وزعم بعض اليهود المتقدمين وغيرهم أن المراد بمن حولها بلاد العرب ،واستدلوا به على أن بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة بقومه من العرب ،والاستدلال باطل وإن سلم التخصيص المذكور فإن إرساله إلى قومه لا ينافي إرساله إلى غيرهم ،وقد ثبتت عموم رسالته من آيات أخرى . ا . ه .
و إذا تأملت وجدت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر لقومه عندما جمعهم أنه رسول الله إليهم خاصة و إلى الناس عامة .
ومن الأدلة على عموم رسالته قوله تعالى: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ...( الأنبياء: 107 ) .
والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون .أي والذين يؤمنون بالآخرة وما فيها من ثواب وعقاب يؤمنون بهذا الكتاب الذي أنزله الله هداية ورحمة لأن من صدق بالآخرة خاف العاقبة ،وحرص على العمل الصالح الذي ينفعه .
وهم على صلاتهم يحافظون .أي يؤدونها في أوقاتها مقيمين لأركانها وآدابها في خشوع واطمئنان ،وخصت الصلاة بالذكر لكونها أشرف العبادات وأعظمها خطرا بعد الإيمان .
فهي عماد الدين ،وسبيل إلى طهارة النفس ونظافة القلب وهي الصلة بين المؤمن وربه ،قال تعالى: اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ...( العنكبوت: 45 ) .