قوله تعالى:{فإن مع العسر يسرى إن مع العسر يسرا} [ الشرح: 5-6] .
إن قلتَ:"مع "للمصاحبة ،فما معنى مصاحبة العُسر اليُسر ؟
قلتُ: لمّا عيّر المشركون المسلمين بفقرهم ،وعدهم الله يسرا قريبا ،من زمان عسرهم ،وأراد تأكيد الوعد ،وتسلية قلوبهم ،فجعل اليُسر كالمصاحب للعُسر في سرعة مجيئه .
فإن قلتَ: لم ذكر ذلك مرتين بقوله:{فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا} [ الشرح: 5 ،6] ؟
قلتُ: لأن معناه فإن مع العسر ،الذي أنت فيه من مقاساة الكفار ،يسرا في العاجل ،إن مع العسر الذي أنت فيه من مقاساتهم ،يسرا في الآجل ،فلا تكرار ،فالعسر واحد ،والتعريف أولا للجنس ،وثانيا للعهد ،واليسر اثنان ،بدليل تنكيرهما ،والتنكير فيهما للتفخيم والتعظيم ،ولذلك رُوي عن عمر وابن عباس وابن مسعود ،بل عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( لن يغلب عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ) ({[696]} ) وقيل: كرّر ذلك للتأكيد ،كما في قوله تعالى:{فويل يومئذ للمكذبين} [ المرسلات: 19] لتعزيز معناه في النفوس ،وتمكينه في القلوب ،فاليُسران متحدان كالعسرين .