قوله تعالى : { وَلْيَخْشَ الّذيِنَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيّةً ضِعافاً خافُوا{[711]} عَلَيْهِمْ } الآية [ 9 ] : اختلف السلف في تأويله ، فقال قوم منهم ابن عباس{[712]} : هو الرجل يحضره الموت ، فيقول له من يحضره : أوصِ لفلان ولفلان ، فيأمر الموصي بالإسراف فيما يعطيه لليتامى والمساكين ، وندب له أن يزيد على الثلث ، وهذا كان قبل أن تكون الوصية محصورة في الثلث ، فيحثه من حضره على أن يوصي بأكثر المال لأقاربه اليتامى والمساكين ، فقال الله تعالى : لا تأمروه بما لا تفعلوه لو حضركم الموت .
وفيه بيان أن المستحب له إذا كان ورثته ضعفاء وهو قليل المال ، أن لا يوصي بشيء ، أو يوصي بأقل من الثلث ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد لما رده إلى الثلث فقال : " والثلث كثير " الحديث{[713]} ،
فأبان له أن استغناء الورثة بفضلها ، أولى من استغناء غيرهم .
وقال مقسم : معناه ضد ذلك ، وهو أن يقول الرجل للذي حضره الموت : أمسك عليك مالك ، ولو كانوا ذوي قرابته لأحب أن يوصي لهم .
فتأوله الأولون على نهي الحاضرين عن الحث على الوصية ، وتأوله مقسم على نهي من يأمره بتركها .
وقال الحسن : هو الرجل يكون عند الميت فيقول : أوصِ بأكثر من الثلث من مالك ، وهو الأوجه ، إلا أن يكون ذلك في وقت كانت الوصية بأكثر من الثلث لازماً ، فأما إذا توقفت على إجازة الورثة ، فلا نهي عليه .
وعن ابن عباس رواية أخرى ، أنه في ولاية مال اليتيم وحفظه والاحتياط في التصرف فيه ، وهذه المعاني بجملتها يجوز أن تكون معنية بالآية ، إذ لا تناقض فيها ، ويجمعها مراعاة المصلحة للورثة واليتامى والموصى . .