20 - وقوله تعالى : { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } الآية :
اختلف في هذه الآية هل هي محكمة{[3307]} أم لا ؟ فذهب قوم إلى أنها منسوخة في قوله تعالى في سورة البقرة : { ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا } إلى قوله : { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } ، قاله ابن عباس وعكرمة وغيرهما . وذهب بعضهم / إلى أن هذه الآية : { فلا تأخذوا منه شيئا } {[3308]} ناسخة لما في البقرة في قوله تعالى : { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } {[3309]} [ البقرة : 229 ] ، وهذا{[3310]} من لا يجيز من المختلعة شيئا قليلا ولا كثيرا . والصحيح أن هذه الآية ليست ناسخة ولا منسوخة . وبعض الآيات تنبني على بعض ، ولما مضى في الآية المتقدمة حكم الفراق الذي سببه من المرأة وأن للزوج أخذ المال منها على ذلك عقب ذلك بذكر الفراق الذي سببه من الزوج والمنع من أخذ ما لها مع ذلك ، وقد تقدم الكلام على فقه هذه الآية في سورة البقرة{[3311]} .
واختلف في جواز المغالاة بالمهور ، فأجازه الجمهور ومنعه قوم . واحتج مجيزوه بهذه الآية{[3312]} ، قالوا : لأن الله تعالى قد مثل بقنطار ولا يمثل تعالى إلا{[3313]} بمباح .
وخطب عمر فقال : ألا لا تغالوا في صداق{[3314]} نسائكم ، فإن الرجل يغالي حتى يكون ذلك في قلبه عداوة للمرأة ، يقول : تجشمت إليك علق القربة وعرق القربة . فروى أن امرأة كلمته من وراء الناس فقالت : كيف هذا{[3315]} والله تعالى يقول : { وآتيتم إحداهن قنطارا } قال : فأطرق عمر رضي الله عنه{[3316]} ثم قال : " كل الناس أفقه منك يا عمر . ويروى أنه قال : امرأة أصابت ورجل أخطأ والله المستعان " وترك الإنكار . وقال الذين ذهبوا إلى منع المغالاة : لا تعطي الآية جواز ذلك ؛ لأن التمثيل جاء على جهة المبالغة كأنه قال : وآتيتم هذا القدر العظيم{[3317]} الذي لا يؤتيه أحد ، وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام{[3318]} : " من بنى مسجدا{[3319]} لله ولو كمفحص{[3320]} قطاة بنى الله تعالى له بيتا في الجنة " {[3321]} ، فمعلوم أنه لا يكون مسجد كمفحص قطاة{[3322]} ، وقد قال عليه الصلاة والسلام{[3323]} / لابن أبي حدرد وقد جاءه يستفتيه في مهر ، فسأله عن المهر ، فقال : مائتين ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " كأنكم تقطعون{[3324]} الذهب والفضة من عرض الحرة أو جبل . . . " . الحديث{[3325]} .