21 وقوله تعالى : { وقد أفضى بعضكم إلى بعض } :
يستدل به من أوجب المهر بالخلوة على ظاهر قول عمر{[3326]} : " إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق " ولا حجة فيه لكون الإفضاء مختلفا في تفسيره ، وأن الآية لم{[3327]} يصدق شيء من هذا المعنى ، ومع أن قوله تعالى : { من قبل أن تمسوهن } [ البقرة : 237 ] ، يعم المخلو بها غيرها وما{[3328]} يوجب لها إلا نصف الصداق مهما لم يكن مسيس . وأيضا ، فإن الإفضاء كأنه مأخوذ من الفضاء الذي هو السعة . والكناية عند العرب إنما تستعمل فيما يستحي من{[3329]} التصريح بذكره ، فكني بالإفضاء عنه . والخلوة لا يستحي من ذكرها ، فلا يحتاج إلى كناية ، فإن قيل : فهذا محتمل . قلنا : صدقتم ، ولكن الظاهر أنه الجماع ، فلا يعدل عنه إلا بدليل ، مع أن قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مقدم على قول الفراء{[3330]} ؛ إذ هو حبر الأمة وترجمان القرآن مع أنه قد نقل عن الفراء مثل قوله . ويحتمل أن يكون{[3331]} اشتقاق الآية من فضا ، أي مختلط{[3332]} ، وقوم فوضى أي مختلطون ، وكيفما نظر معناه إن كان من الفضاء أو من قولهم : فضا فهو يدل على المجامعة ، وقال الفراء{[3333]} : الإفضاء عبارة عن الخلوة{[3334]} ، واختلف أيضا في الميثاق{[3335]} الغليظ ، فقال الحسن وابن سيرين{[3336]} وغيرهما : هو قوله تعالى : { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } [ البقرة : 229 ] ، وقال مجاهد وابن زيد : هو عقدة النكاح ، وقول الرجل : نكحت وملكت النكاح ونحوه . . . فهذه التي بها تستحل / الفروج .
وقال عكرمة والربيع{[3337]} : الميثاق الغليظ يفسره قول النبي صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيرا{[3338]} ، فإنهن عوان عندكم ، أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله " ، وقال قوم : الميثاق الغليظ الولد .