7- قوله تعالى : { للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون } {[2889]} إلى قوله : { وإذا حضر القسمة } {[2890]} الآية :
قال ابن جريج{[2891]} وقتادة وغيرهما : سبب نزولها أنهم كانوا في الجاهلية يورثون الذكور دون{[2892]} الإناث ، فالآية ناسخة لما كانوا عليه في الجاهلية ، وقولهم : ناسخة ليس على حقيقة النسخ . وهذه الآية مجملة في بيان القدر الذي للرجال والنساء غير أنه قد{[2893]} يحتج بعمومها من يورث ذوي الأرحام ، ومن يرى الحجب في بعض الأحوال مثل حجب الإخوة بالجد{[2894]} عند قوم ، وهذا في الاحتجاج به مثل قوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } [ التوبة : 103 ] .
وقوله تعالى : { مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا } ، يعني : مما قل من المتروك . واختلف في الأخوات هل يكن عاصبات مع البنات أم لا ؟ فذهب الأكثر إلى أنهن عصبة معهن فيرثن . وقال ابن عباس : لا يرثن أصلا مع البنات ، وهو قول داود . ودليل الأكثر قوله تعالى : { وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون } فعم .
واختلف في النساء هل يرثن من{[2895]} الولاء شيئا أم لا ؟ فذهب الجمهور إلى أنهن لا ولاء لهن إلا ولاء من أعتقن أو عتق من أعتقن{[2896]} أو ولد من أعتقن{[2897]} خاصة ، ولا يرثن من الولاء شيئا عن غيرهم في من يعتقن .
وذهب طاووس{[2898]} ومسروق{[2899]} إلى أنهن يرثن من الولاء كما يرثن{[2900]} من المال ، واحتج بقوله تعالى : { وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون } ، وهذا شذوذ ، واختلف في قسمة الدار الواحدة/ ، والأرض بين النفر ونحو ذلك مما إذا قسم كان في قسمته عدم منفعة به أو ضرر ، فقال مالك : إنه يقسم بينهم إذا دعا إلى ذلك أحدهم وإن لم يصر في نصيب كل واحد منهم إلا قدر قدم وما لا منفعة له فيه ، ولم يتابعه على ذلك أحد{[2901]} من أصحابه إلا ابن كنانة . وقال ابن الماجشون : لا يقسم إلا أن يصير في حظ كل واحد منهم ما ينتفع به في وجه من وجوه المنافع ، وإن قل نصيب أحدهم حتى كان لا يصير له بالقسمة إلا ما لا منفعة له فيه{[2902]} بوجه{[2903]} من الوجوه فلا قسم . وقال ابن القاسم : لا يقسم إلا أن ينقسم من غير ضرر ويصير{[2904]} لكل واحد منهم في حظه موضع ينفرد به وينتفع بسكناه . وقال مطرف{[2905]} : إن لم يصر في حظ أحدهم ما ينتفع به لم يقسم ، وإن صار في حظ واحد منهم ما ينتفع به دعا إلى ذلك صاحب النصيب القليل الذي لا يصير له فيه ما ينتفع به أو صاحب النصيب الكثير . وقد قيل : إنها لا تقسم إلا أن يدعو إلى ذلك صاحب النصيب الكثير ، وحجة مالك{[2906]} فيما ذكره الرواة عنه قوله تعالى : { مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا } فتأول الآية على ذلك وهو قول أبي حنيفة ، وحجة ابن القاسم أيضا{[2907]} فيما{[2908]} ذكره الرواة عنه أيضا{[2909]} هو قوله عليه الصلاة والسلام{[2910]} : " لا ضرر ولا ضرار " {[2911]} وقال ابن القاسم : وجميع من خالف في ذلك مالكا إنما معنى الآية أن لهم حقهم فيه ثم{[2912]} قسمته على السنة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " ومن أعظم الضرر أن يقسم بينهم مالا ينتفعون به ولكن يباع فيقتسمون ثمنه .