قوله تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا ...} [ البقرة: 143] .؟
إن قلتَ: كيف قال:{إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} [ البقرة: 143] وهو لم يزل عالما بذلك ؟
قلتُ: هذا ونحوه باعتبار التعلّق ،والمعنى: ليتعلّق علمنا به موجودا ،أو المعنى: ليعلم رسولنا والمؤمنون ،لأنهم أخصّاؤه ،أو لتميّز الثابت عن المتزلزل ،كقوله{لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [ الأنفال: 37] .
قوله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ...} [ البقرة: 143] .
"كان "للماضي وهو هنا للحال ،وتأتي في القرآن لخمسة معان:
أ- للحال ومنه{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [ النساء: 103] و{وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [ الأحزاب: 9] .
ب- وللماضي المنقطع ومنه{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} [ النمل: 48] وهو الأصل في معانيها .
ج- وللاستقبال ومنه{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [ الإنسان: 7] .
د- وللدوام ومنه{وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [ الفتح: 4] .
ه- وبمعنى صار ومنه{وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}({[54]} ) [ البقرة: 34] .